الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

[دعوته]

صفحة 181 - الجزء 2

  ويجب عليه أن يتوقف عن الحكم بإراقة الدماء على جهة القود حتى يطالع الإمام بصورة الأمر، فإن للدم عند الله منزلة ليست لغيره مما يحكم الناس فيه.

  ويجب أن لا يقبل شهادة فاسق ولا مارق ولا متهم ولا مريب ولا ظنين في دينه ولا جار إلى نفسه بالشهادة لحظ من حظوظ الدنيا.

  ويجب عليه أن يحكم بما يرد عليه من خطوط القضاة وكتبهم، وشهادات شهود البلدان المشاهير عنده إلا أن يرى غلطا فاحشا فيطالع الإمام به ليرى رأيه، وإذا تحاكم إليه أهل الذمة حكم بينهم بحكم الإسلام فإن في ذلك ترغيما لهم.

  هذه شروط أحكام الشريعة على حسب ما يقتضيه هذا المختصر، فأما المتولّي لأحكام السياسة الذي هو المأمور وصاحب الجيوش والسرايا فإن الإمام يعهد إليه ويأمره بتقوى الله تعالى، وإيثار طاعته في سر أمره وعلانيته، والاعتصام بحبله وإصلاح ما بينه وبينه بالعمل الزكي والخلق الرضي، وأن يتعاهد نفسه في تطهير مذهبه، والمحافظة علي دينه وأمانته ومأكله ومشربه وملبسه ومكسبه، والعلم بأنه لا حول له ولا قوة إلا بالله في جميع متصرفه وسائر منقلبه، ولا يولّي إلا من يصح له الضبط والكفاية، (والذبّ والسياسة بما يقمع به أهل العبث والفساد، وتصلح معه الرعية والبلاد، فإنه لا تجب الجباية إلا بالحماية، ولا تصلح الولاية إلا مع الكفاية)⁣(⁣١)، وأن يتجنب محارم الله تعالى ومساخطه، وأن يكف من معه من الجند والحاشية عن التخطي إلى ظلم أحد من الرعية أو مساءتهم بأذية، ويحضهم على لزوم السلامة والاستقامة، وسلوك الطاعة بأقصى الاستطاعة، ومقارعة أعداء الله القاسطين، ومجاهدة الخالعين


(١) في (أ) ساقط ما بين القوسين.