[دعوته]
  باب من أبواب البر يتخير لها الفقيه في الدين القيم بمصالح المسلمين، فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر واقعا على من وقعت الحسبة عليه، وصادعا على من صدعت من غير ميل ولا ممالاة، ولا حيف ولا مداجاة، وهذا باب كبير وأمر خطير لا يجوز إغفاله، ولا يسع الإمام الإخلال به، لأن موضع أمره قيامه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يستنيب فيه إلا شخصا طاهرا لا تأخذه في الله لومة لائم، ولا تصده عن طاعة الله محاشاة ولا مراعاة، والرعية وديعة الله سبحانه عند الإمام لا يصل إلى ضبطهم وحفظهم وحياطتهم إلا بمعونة منه تعالى، فيجب عليه صونهم وحراستهم وحفظهم وحياطتهم، وحملهم على ما فيه صلاح معايشهم والعون لهم على مصالحهم، وأمان سبيلهم، وتسهيل سبيل مرافقهم ومكاسبهم، وإزالة المكوس(١) والرسوم الجائرة والأوضاع المجحفة عنهم، ليكونوا له داعين، وفي أيامه آمنين، وبسيرته راضين، ولخلافة الله تعالى فيهم حامدين، وبحسب نظره لهم شاكرين. وصيام شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، ومراعاة استهلاله، وتصحيح تواريخ استقلاله، والتوسعة فيه من الصدقات والزكوات والنوافل والقربات، وأن يصام هذا الشهر إيمانا واحتسابا، وأن يكون الصوم غض الطرف عن المحارم، وكف اللسان عن الرفث والهجر وتنزيه السمع عن القبائح، وقبض اليد عن البطش إلى المآثم(٢) إعظاما لما أوجب الله سبحانه من حقه، وحتم من توقيره وتعظيمه على خلقه.
  ويجب على الإمام إقامة الحج فإنه من شعائر الله تعالى المفروضة وحرمات
(١) في (أ): الموكوس. والمكس: هو ما يأخذه العشار بعد الفراغ من أخذ الزكاة من المصدق، وفي الحديث: «لا يدخل صاحب مكس الجنة».
(٢) في (أ): عن المحارم.