الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

الإمام الناصر أبو الفتح الديلمي #

صفحة 188 - الجزء 2

  بشيء فتدركه الأوصاف، ولم يكن جسما فتحويه الجهات والأطراف، ولا مرئيا فتحيط به النواظر والأبصار، ولا موهوما فتناله الخواطر والأفكار، أزليّ لا إلى انتهاء، أوليّ من غير ابتداء، عالم بما في الظنون والخفاء، قادر على الإفناء والإبقاء، عدل في الحكم والقضاء، متجلّل بالعظمة والكبرياء، معدّ لعباده دار الجزاء، فالمحسن في درجات⁣(⁣١) السرور والنعماء، والمسئ في دركات الحطمة النّكداء {نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ ٦ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ٧ إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ٨ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ}⁣[الهمزة: ٦ - ٩]. تعالى من صانع لم يصنع بمباشرة، ولم يخترع بمماسة، ولم ينله في كثير ابتداعه فتور، ولا اعتراه في عظيم اختراعه لغب ولا تقصير.

  ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المتنزه عن المسامي والنظير، المترفّع عن الظهير والوزير. ونشهد أنّ أبانا رسول الله ÷ نبيه الذي اصطفاه، ورضيه الذي ارتضاه، وسيفه الذي على أعدائه انتضاه، وحقه الذي فيهم أمضاه، وخالصته الذي بنوره حباه، بعثه وأمواج الكفر متلاطمة، وحنادس الجور متلاحمة، وأواديّ الإفك زاخرة، وشقاشق الشرك هادرة، وعمايات الجاهلية مظلمة، وغيابات الضلالات مستهلة، وعزاليّ الباطل منهلّة، ومواضي الحق منفلّة، وجماهر الطغيان مجمهرة، وعساكر البهتان معسكرة، وقسي الشيطان موترة، وأقوال البدع مؤثرة، فأزهق بحقه باطلهم، وقمع بنصله صائلهم، وأخمد بشهابه بواترهم، وأجمد بعواصفه ثوائرهم، وهدم بنيانه⁣(⁣٢) مشيّدهم، وفرق بعدده عديدهم، {فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولًا}⁣[الإسراء: ٥] فكان ÷ للكتاب منيرا، ولأحزاب⁣(⁣٣) الشرائع مثيرا،


(١) في (أ) دار.

(٢) في (أ) وهزم ببنيانه.

(٣) في (أ) لحزاب.