الإمام الناصر أبو الفتح الديلمي #
  الهني(١) أن أرسل الأنبياء والرسل، وجعل منهم الأئمة والهداة الذين قام بهم الصلاح، ودام بكونهم الفلاح، وختم النبوة والرسالة بخيرهم نسبا وأشرفهم منصبا، وأكرمهم محتدا، وأعظمهم وأجلهم مولدا، وأطهرهم فخارا وأعلاهم منارا، وأحسنهم ذماما، وأرفعهم دعاما، وأهداهم للسبيل، وأقومهم بالدليل، فأنقذهم من الضلالة والعمى، وجنبهم طرق الجهالة والردى، وهداكم لسواء الطريق، وألّف بين قلوبكم بعد التبديد والتفريق، {فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها}[آل عمران: ١٠٣]، يا لك من إحسان ما أوفره! وامتنان ما أكثره! ومنحة ما أسبغها! وعارفة ما أسوغها! وحجة ما أبلغها! وكان مما وعد الله نبيه ÷ استحفاظ بنيه فأقامهم مقامه، واسترعاه إياهم سنته، إذ هم العترة الطاهرة، والحجج الباهرة، والشهداء لله تعالى على أهل الأرض بإقامة الواجب والفرض، ذو الثقة والرأفة والشفقة بأمّة جدهم ~ وآله، والتوفر على ما يصلحهم دنيا ودينا، ويزيدهم بالله سبحانه إيمانا ويقينا، من توقير الكبار والحنو على الصغار، والمحافظة على مصالح الأرامل واليتامى والضعائف والأيامى، وحفظ مالهم من السهام والصدقات والأقسام.
  ثم قال # بعد ذلك: وإنّا لمّا رأينا السيل قد بلغ الزّبى، والأحلام قد حلت لها الحبا، وكادت الصدور تضيق، وسوء الأعمال بأهلها تحيق، وظهرت الفواحش والفسوق، وشربت الخمور، وصرح الفجور، وضربت المعازف والمزامير، وأوترت العيدان والطنابير، ولبس الرجال الحرير، وشاع النكير وقل المنكر، وضاعت الحدود، وبارت الحقوق، ورفضت الشريعة، واتّبعت البدعة، وابتذلت السنة، وقلّ التناصف، واستولى البغي، وهلك الضعيف، وعزّ الظالم، وبزّ المظلوم، ومات المعروف، وعاش النكير، ومات المنكر،
(١) في نسخة: الإلهي.