الإمام الناصر الحسين الهوسمي #
  المشهور من مذهب الناصر للحق # أن لا تقام الجمعة إلا في الأمصار، وكان شاعرا فصيحا مفلّقا. أنشأ على البديهة من وقت الظهر إلى العصر زهاء مائتي قافية في مديحة أهل بيت المصطفى صلّى اللّه عليه وعليهم وتفضيل أمير المؤمنين علي # ونقص من خالفه، وفيها:
  عليّ كباز والشيوخ كصعوة ... فما حال صعو في مخالب أصقر
  لم يكن له منازع في جميع جيلان وديلمان مع كثرة الملوك والسلاطين فيهما، وكان ذا جاه عريض، ومملكة باسطة، وبطشة قاهرة، وقوة قادرة، وكان لفقراء المسلمين كالأخ الرفيق، وللأيتام كالوالد الشفيق، وللأرامل كالزوج العطوف، وللمتعلمين كالمعاهد الرؤوف، وعلى الظلمة كالحسام القاطع، وعلى المجرمين كالسم الناقع، حارب صاحب طبرستان الملقب (بإصفهبذ) وزوّج إصفهبذ ابنته منه، وكان يهدي إليها وهي تحته كل شهر سفينة من الهدايا مع جارية واحدة يتألفه ويسكن ثورته، عن نفسه، فلم يسكن وتبرأ منه لما رأى من ظلمه لأهل طبرستان وفساده وعتوّه وكان إذا قل شيء من بيت مال على الفقراء أخذ بالبكاء والتضرع إلى الله، وسؤاله كثرة بيت المال حتى لا ينصرف الفقراء من بابه خائبين لم نسمع أحدا من الأئمة أشد شغلا بمرافق الفقراء منه رضوان الله عليه ومراعاة لحملة القرآن، وكان يحفظ كتاب الله غيبا ويعظم من حفظه، ويرزقه من بيت المال حتى صار أهل الجيل أكثر الناس حفظا لكتاب الله تعالى، وهم مستمرون على ذلك إلى الآن ببركته #.
  وقصته ونشر محاسنه أكثر من أن تنظم في سلك المدائح. بلغت مدة قيامه بالأمر من أول النصب إلى آخر ختم الإمامة أربعين سنة ثم قبضه الله تعالى إلى رحمته بهوسم سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة، ومشهده بها مشهور مزور بقرب من مشهد أبي عبد الله(١) @(٢).
(١) يعني: محمد الداعي #.
(٢) التحف شرح الزلف ٢٢٢، وأخبار الأئمة الزيدية نقلا عن جلاء الأبصار ١٥٢ - ١٥٣.