وكان # قد أوصى بوصية هذه نسختها:
  بإصلاح ما أخذته من المال بطريق الجبر والقهر، وما مددت يدي إليه لقضاء الوطر وابتغاء الأرب كما يفعل المسرفون والمترفون والمترغدون، وإنما الغرض الأعظم حفظ قناة الدين أن يعوجّ ودعائم الإسلام أن ترتجّ، وعزمت في القابل أن لا أعود إليه، ولا أرجع فيه، فإن المحارم أحمية الشرع، فمن حام حولها يوشك أن يقع فيها ويتورط عليها، فدونها القتاد مخرط، والجواد محبط، والعاقل مورّط، فليحذر كل الحذر، فإن السفر فيه الخطر، والحساب شديد والرجوع بعيد، والحاكم عدل لا يخفى عليه شيء: لا خافية الأعين، ولا همس الألسن، ولا هوادة عبودية في الجزاء والاقتصاص، هيهات لات حين مناص، إله غفّار وملك جبار، غضب عظيم وجنة نعيم، وعقاب وجحيم، وزبانية شداد حداد، فأما أسقاط الدفاتر كلها تصرف إلى ابن أخي (الرّضى) أنبته الله نباتا حسنا إن اشتغل بالعلم فيه، ونشأ عليه وشدا منه شدوا حسنا، فإن أضرب عنه صفحا، وطوى عنه كشحا، فهي مقسّطة على الأكابر والأفاضل من أهل العلم، تفرّق عليهم بكمالها.
  وأما الأثاث والأمتعة لو بقيت في يدي ابنتي الكبرى فهي لها، لا حق لأحد فيها، والأفراس والبغال ونوع من الأسلحة - وإن قلّت - هي مصروفة إلى عمارة مشهد والدي على ما استصوبه المسلمون، ينفق عليها ويصرف إليها، فالناس اتهموني باختزال نفائس الأملاك وعقائل الأموال واختزانها والبخل بها والشح فيها، فوالذي خلقني وخلق الخلائق أني ما ادخرت من الذهب قط ثلاثة آلاف دينار، وإنما كانت ألفين ونيّفا، إلى أن أغار عليّ الترك ودخلت في ضمان الديلم، فلم يجتمع عندي ألف قط.. والله تعالى مطلع على سرائري وضمائري، فالمال مكذوب عليه، والكبير يوجد ثم يرزح(١)، والقوي يعدو ثم يطلح(٢). وأمرت
(١) في (أ): والكبير أو الكثير - غير منقوطة - يوجد ثم يرزح: رزحت الناقة: سقطت إعياء أو هزالا. قاموس، باب رزح.
(٢) طلح: أي تعب وعيي من طلح البعير: أعياء. القاموس: مادة طلح.