الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

وكان # قد أوصى بوصية هذه نسختها:

صفحة 200 - الجزء 2

  المسلمين كافتهم وعامتهم، وآحادهم وأفرادهم، فأذنت لهم أن يختاروا لي خيرا، (ويكسبوا لي ذخرا، بصدقة ودعاء لي خيرا)⁣(⁣١) وطاعة كانت وإن قلّ ثوابها لي، وأنا استغفر الله العظيم من كل كبيرة وصغيرة، وهفوة وسقطة وعثرة، ومن مسعاة قدمي، ومكسب يدي الذي يسخط الرب ويغضب الإله، وأجأر بالدعاء إلى الله ضارعا، وأخبت له خاضعا، وقال:

  فيا لهف نفسي كم أسوّف توبتي ... وعمري فان والردي لي قاهر

  وكل الذي أسلفت في الصحف مثبت ... يجازي عليه عادل الحكم قادر

  ارحم اللّهم شيبتي وذلتي، وقلتي ووحدتي وغربتي، فمن يرحمنا إذا لم ترحم؟، ومن يكرمنا إذا لم تكرم؟! فأنت آخذ بنواصي العباد، والحاكم يوم المعاد وصلّى اللّه على محمد وآله الطاهرين⁣(⁣٢).

  ولم يزل # ساعيا في إقامة قناة الدين، جاهدا في قطع ضرر المعتدين حتى كان في يوم من الأيام ببلد (كجوا) من بلد الإسفندارية، فوثب عليه بغتة حشيشي من الملاحدة الباطنية أرسلوه من ناحية (الموت) وهي قلعة من قلاعهم، فاستشهده رضوان الله عليه يوم الاثنين في شهر رجب من شهور سنة تسعين وأربعمائة، ثم نقل إلى (كلار)، ودفن في قرية هسكير⁣(⁣٣).

  قال ناقل أخباره: وبلغني أنه تردم تابوته بعد حين، فجعلوا يرمّونه فأفضى بهم رمّهم⁣(⁣٤) إلى إظهار جثته، وكان في عصر لم يكن أحد في ذلك العصر باقيا ممن رآه في حياته إلا شيخا واحدا، فأحضروا ذلك الشيخ لينظر فيه هل تغير عن


(١) في (أ): ساقط ما بين القوسين.

(٢) أخبار أئمة الزيدية نقلا عن كتاب جلاء الأبصار ١٤٦ - ١٤٧.

(٣) في التحف ٢١٦، وفي (أ): هشكير.

(٤) في (أ): رميهم.