الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

السيد أبو طالب الأخير #

صفحة 204 - الجزء 2

  فأخذها بالحصار، فصالحه كبارهم وضمّن عليهم⁣(⁣١).

  فكان إذا أخطأ منهم مخط لزم الضمين، وكان من لزمه الحد من كبارهم أقامه عليه، ثم يطرحه في البالوعة ويعفر وجهه ورأسه ويضرب به الأرض ويركس بالنعال. وأقام أربع عشرة سنة ما يخرج من الجوسق وحده إلا للصلاة خوفا من مكرهم ومكيدتهم، لأنهم أهل غيلة متناهية في تلك الناحية، وكان لا يقبل لهم توبة، ويأخذ أموالهم ويسبي ذراريهم، وكان يقتل من خالط الباطنية مختارا، حتى أمر بقتل سبعة أنفس فيهم رجل رأى ملحدا صلحا ولم يتميز عن الستة وقال: القاتل والستة في الجنة والواحد في النار. وصلب ثلاثة أحياء، ومذهبه أن الصلب للحي، وهو مذهب كثير من العلماء.

  وكاتبه في وقته صاحب عمان وكان زيديا محبا مناصرا له، وكانت حاشيته وغلمانه ومن أجابه اثني عشر ألفا على مذهب الهادي، وخدامه كانوا كلهم يصلون، ولم يكن يستعين من الفاسقين إلا بمن يصلي، وكان له # من الهيبة ما لم تكن لأحد قبله، وكان يضرب الطبول لاجتماع الناس وللبشارة، وكان يجتمع عنده في الوقت خلق كثير إلى ثلاثة آلاف وأكثر عند الحاجة، وكان يركب الفرس من الأرض، وكانت له غاشية على سرجه يركب بها خيفة من سمّ الباطنية، ويرقى من المنبر درجتين. وكان وصل إلى صعدة من جهته القاضي أبو طالب نصر بن أبي طالب بن أبي جعفر فقيه الزيدية في عصره وعالمهم، اجتمع في خزائنه من فنون العلم اثنا عشر ألف كتاب⁣(⁣٢). وكانت وصلت دعوته # إلى اليمن سنة إحدى عشرة وخمسمائة إلى الأمير المحسن بن الحسن بن الناصر بن الحسن بن عبد الله بن محمد بن الختار بن الناصر بن الهادي إلى الحق # فقام لها


(١) الشافي ١/ ٣٣٦.

(٢) الشافي ١/ ٣٣٦، التحف ٢٢٥.