الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

السيد أبو طالب الأخير #

صفحة 206 - الجزء 2

  والعرض، وصيره ذريعة إلى نصرة الحق وشريعة لتعديل الخلق وإظهار الصدق، ووضع الخلفاء والحكّام ما بلغ النهاية في الإتقان والإحكام، من القياس القويم، والقسطاس المستقيم، ليزنوا بهما الدعاوي، ويميّزوا الراجح والمساوي، وطرق سبيلا إلى الردع بما هداهم إليه في الشرع من البينات والأيمان، والتنكيلات في الأسجان، ليحترس من القوي والضعيف ويحترس من الغالب اللهيف، كما وعد أن يضع الموازين القسط ليوم القيامة: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا}⁣[الأسراء: ٧١].

  هذا ما عهد الإمام الحق أبو طالب يحيى بن أحمد بن الحسين الهاروني # إلى السيد الأجل العالم الزاهد تاج السادة شرف الدين أبي عبد الله الحسين بن الهادي بن رسول الله ÷ - أعزّ الله رايته - حين سيّره وخيّره، وشاهد منظره ومخبره، وعرف فيما لم يعاين خبره، ألفاه سهما في النفاذ والمضاء، شهما في أبواب الخلافة والقضاء، مستقلا منه بالأعباء مستقبلا بين الألباء، خليقا بأسباب الكفاية، حميدا في الورع والرعاية، مستخلصا لما يناط برأيه من الولاية، شهيرا بالتوقي والوقاية، حازما في الأمور، جازما بين الجمهور، بصيرا بطرائق الشرع، خبيرا بعلائق الأصل والفرع، نقيا من الأوهام والريب، زكيا في أقسام الرتب، ناشئا على المجد⁣(⁣١) والرشاد، كافيا للاجتهاد والاحتشاد، بريء الساحة من المقابح، نقي الراحة من الفواضح، نزه النفس من الأدناس بعيد الهمة عن هذه الأجناس، وولاه وفوض إليه الخلافة والقضاء ما بين مكة إلى عدن، وسائر نواحي اليمن الأقصى قصبتها ومخاليفها، مدنها وبواديها ومن بلغه الخبر في


(١) في (أ): المحمدة.