الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

السيد أبو طالب الأخير #

صفحة 208 - الجزء 2

  وآمره أن يمنع التهارج والحيف، والتلاحي في لم وكيف، وأن لا يفضّل فيه شريفا على مشروف، ولا ينقّص منكورا عن معروف، ولا يزيد غنيّا على فقير، ولا قويّا على كسير، ما جمعهما التخاصم وضمّهما التحاكم، وأن يميل مع الحق حيث مال، ولا يدع التعديل والاعتدال، بل يحقّ الحقّ ويبطل الباطل ولو كره المجرمون، وأن لا يتعصّب في المذهب عند الحكم لمن يؤالف، ولا يتعصب لخلاف من يخالف، وأن لا يغتر بصراخ الضعفاء وبكاهم ولا بصياح الفقراء واشتكائهم، فكم من خونة يشكّكون ويشكون، كما جاءوا أباهم عشاء يبكون، يعتدون سرّا ويستعدون علانية، ويعتدون بالوهم البعوض سانية⁣(⁣١)، وأن يتّبع الرأي الصائب الوثيق، ويحذر الأدعية التي تدعى المنجنيق، فدعوة المظلوم مستجابة وإن تراخت عنه الإجابة، والظلم مطعمه وخيم، ومرتعه ذميم، وأقبح ما يكون من القادر النبيه، والحاكم المتّصف بالتنزيه.

  وكلّ كسوف في الدراري شنيعة ... ولكنّه في الشمس والبدر أشنع

  والخلفاء والقضاة كغيرهم مسؤولون عمّا خوّلوا، ومرتهنون بما حملوا ومأخوذون بما حمّلوا: {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ}⁣[المائدة: ٤٧] وليعلم أنه علّام الغيوب، وبيده أزمّة القلوب {يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ}⁣[غافر: ١٩] يبصر ما كدر وصفا، ويعلم السرّ وأخفى، ولا يضمرنّ لأحد ضرّا ولا يضمّن عن أحد نصرا⁣(⁣٢) {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا}⁣[الإسراء: ٣٦]، {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}⁣[غافر: ٢٠].


(١) في (أ): شانية.

(٢) في (أ): بصرا.