ذكر طرف من مناقبه وأحواله #
  فؤاده، ومضى يعضّه يوم الشرزة، فبقي بلا لب إلا ما يتكلفه، وأما ما ذكره في الذين قال إنهم قد كفوه مئونة الهجاء، فقد هجي رسول الله ÷ هجاه ابن عمه أبو سفيان بن الحارث فرد عليه حسان بن ثابت:
  هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
  أتهجوه ولست له بكفء ... فشرّكما لخير كما الفداء
  وما مثله هو وهم إلا مثل البعوضة لا يدري الإنسان منها إلا طنينها مع أذنيه فإذا طلبها لم يجدها، وقد بلغت مكروهه ومكروه غيره بحمد الله تعالى:
  إذا شئت أرغمت العدو ولم أبت ... أقلب فكري في وجوه المكائد
  وقد هجانا أخوه الذي مات طريدا لنا فناب عنا بعض شيعتنا فقال:
  لو سار ألف مدجج ليحل في ... عمران غير إمامنا لم يقدر
  تلك الشجاعة لا شجاعة معشر ... مثل العجائز في ظلال المنظر
  وأما قوله: لهم النهي فيما حرم الله والزجر، فلعل ذلك النهي والزجر على الكلاب، والله ما عرفت لهم سابقة في الجاهلية ولا في الإسلام، كان أول من تسلطن منهم حاتم بن الغشم، وذلك أنه سرق السلطنة من آل الصليحي، وذلك أنه أسلفهم مالا جمعه معهم، فأعطاه(١) المكرّم حلقته فسرق بسبب الحلقة عدن، فتبعه المكرم إلى عدن فخالفه إلى صنعاء، فتبعه إلى صنعاء فهرب إلى براش كما فعل هو، وكذلك كانت صنعاء لآل القبيب، وهو مشتغل في المنظر بالطب والتنجيم واللعب بالكلاب، ثم افترق آل القبيب وقتل بعضهم بعضا، فخالفهما عليها ولم يكن لأبيه ولا لجده. وأما قوله: إنه لا يحسن للرجل أن يمدح نفسه وإن أحسن المدح ما يقرّ به الضدّ لضدّه، فلا يعلم اليوم أكثر عداوة منه لنا فقد شهد لنا بالإمامة والوفاء والزعامة فقال فينا:
(١) في (ب) وأعطاه.