الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر طرف من مناقبه وأحواله #

صفحة 226 - الجزء 2

  دعيني أطفي عبرتي ما بدا ليا ... وأبكي ذنوبي اليوم إن كنت باكيا

  لعل البكى يشفي من الوجد بعضه ... إذا لم يكن للكل من ذاك شافيا

  وأشفي غليلا في فؤادي بالبكى ... ولو قال جهال من الناس ماليا

  ولن يسلم المحزون من غصة القضاء ... إذا كانت الأحزان تبقى كما هيا

  فقد مات همّام لوعظ إمامه ... وصادف قلبا للمواعظ واعيا

  وليس عجيبا إن بكيت ولو دما ... وأذهب دمعي من بكاي الأماقيا

  وقد ما بكى قبلي رجال تذكروا ... رسوما عفت عن أهلها ومغانيا

  ويوما⁣(⁣١) محته الذاريات وأشعثا ... وجته العوافي⁣(⁣٢) فانشطى وأثافيا

  فلم لا إذا أبكي على ما جنت يدي ... من الذنب لما أن تحققت ذاتيا⁣(⁣٣)

  فهل من مداو للذنوب من الملا ... فلم ألق للذنب العظيم مداويا

  وهل لقروح في فؤادي مرهم ... تداوي عليلا كامنا في فؤاديا

  وليس لذنبي من مداو سوى البكى ... وتوبة ذي صدق وعفو إلهيا

  هبيني نسيت الموت والبعث فينة⁣(⁣٤) وما كان من علم الغيوب ورائيا

  ألم أعتبر نفسي ونقصان قوتي ... ولم أك للموت المشاهد ناسيا

  وكنت امرأ ذا قوة في شبيبتي ... فأصبح مخضرّ الشبيبة ذاويا

  وبدلت نقصانا بدا في جوارحي ... وجاء نذير الشيب للنفس ناعيا

  فيا عجبا من غافل غير عاقل ... يجدد من دنياه ما صار باليا

  ويعمر ما قد خرب الدهر قبله ... ويتبع تسويفا له وأمانيا

  ومن هرم يزداد ضعفا وذلة ... وآماله يرمي بهن المراميا


(١) في (أ): ومويا.

(٢) في (ج): الغواني.

(٣) في (ب) دانيا.

(٤) في (ب) فتنة.