ذكر طرف من مناقبه وأحواله #
  يمكنك أن تصل فيه إلى ما قد وصلت إليه وأنت مستقبل فشمر في ذلك، ثم انتقل بعد ذلك إلى الدراسة في أنواع العلم، فأخذ في علم الأدب حتى لجّ في أغواره والتقط من درره من قراره، وبرز في ذلك تبريزا بليغا، ولقد كان يحفظ من شواهد اللغة ما لم يحفظه أحد من أهل عصره.
  وأخبرني الأمير الكبير شيخ آل الرسول في عصره، وناعش الحق في دهره، عماد الدين، ذو الشرفين، أبو المظفر يحيى بن حمزة بن سليمان طول اللّه عمره وأعلى(١) قدره: أنه رأى مع الإمام # مجلدا فيه أشعار، ثم قال له: قد قرأته شرفا فحفظته(٢) فخذه فاسألني عن أي قصيدة منه شئت قال: فأخذته وجعلت أسأله من أوله ووسطه وآخره وأنا أذكر له بيتا من القصيدة فيأتي بها تامة حتى استرويته عدة قصائد. وأخبرني الفقيه العالم جمال الدين عمران بن الحسن ابن ناصر أدام اللّه سعادته عن بعض من له حظ وافر من الحفظ لأشعار القدماء والمحدثين: أنه قال: أنا أحفظ(٣) قدر مائة ألف بيت، وفلان يحفظ مثلها وذكر رجلا من أهل الأدب ونحن لا نعد حفظنا إلى جنب حفظ الإمام # شيئا وكان إذا عرض البيت من القصيدة يحتج به على لفظة غربية(٤) من الكتاب والسنة أو غيرهما من كلام العرب روى القصيدة أو أكثرها وربما روى(٥) سبب إنشائها ونسب قائلها، وقد يحكي كثيرا من أشعاره إلى غير ذلك من الأحوال المشاهدة له في هذا الباب من السبق.
  وكان # عارفا بأيام العرب على ضرب من التفصيل، ثم ارتحل #
(١) في (ج): شرف.
(٢) في (ج): أشرافا ثم حفظته.
(٣) في (ج): قال: أحفظ.
(٤) في (ج): غريبة.
(٥) في (أ): ذكر.