ذكر طرف من مناقبه وأحواله #
  بتصديق الوعد والوعيد فهم بقولنا قائلون، وإلينا مائلون، وبعلمنا عاملون، يرون ولاءنا جنة وخلافنا فتنة، في جميع أقطار الأرض قد أجابوا دعوتنا سرا وجهرا، نشروا مدائحنا نظما ونثرا، وأفنوا كتبنا طيّا ونشرا، وسوف يطلعونها إن شاء الله على الخرصان(١) صلعا وزهرا:
  أبابيل خيل دين أحمد دينها ... مسوّمة جبريل فيها يقودها
  فويل لأرباب الضلالة والخنا ... إذا خفقت في الخافقين بنودها
  وصاح القنا في الدارعين وبدّلت ... كنا صيدها وازداد حرا وقودها
  وعفّيت الآثار من كل ظالم ... وبلّت لأخذ الثار منها لبودها
  ولاحت كأمثال العقائق بيضها ... وبانت كألوان الشقائق سودها
  ودارت رحا الحرب العوان بشوسها ... وقام بأيدي الدارعين عمودها
  فهذا أوان الحق يسطع نوره ... ووقت نيار الظلم يبدو خمودها
  فحينئذ نقول خلفا وعقرا، ونبدي منكم خبرا ونهتك سترا، ونلقيك بما عملت كتابا تلقاه منشورا، ونقدم إلى ما عملتم من عمل فنجعله هباء منثورا، ونمشي وقد جعل الله من بين أيدينا نورا ومن خلفنا نورا، فإن قلتم انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا وحينئذ تضرب جلالة النبوة وهيبة الخلافة بيننا وبينكم بسور له باب باطنه في الرحمة وظاهره من قبله العذاب، فترومون الذهاب ولات حين ذهاب، وأنى لكم ذلك وقد أسفّ العقاب، وحجل الغراب جذلا لخلع العيون وخرق الإهاب، والتفكه بين اللحوم والأعصاب، وليس هذا بعجيب أن يكون، فهل خطر في القلوب يوم وصاب.
  ومن هذا الكتاب قوله #: ولكنك لا تدري أين تولغ لسانك، وتطلق عنانك، وتضع سنانك، قد أعماك البطر، وأصمّك الأشر، فصرت كغراب على
(١) الخرصان: الرماح. القاموس ص ٧٩٥.