الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر طرف من مناقبه وأحواله #

صفحة 277 - الجزء 2

  غاص بمن فيه يكتب في تفسير القرآن العظيم كتابة مستمرة وهو يسأل في أثناء ذلك عن أمور في الدين والدنيا فيجيب عنها وإنّ قلمه لينحدر انحدارا سريعا، وهذه درجة عالية ومرتبة سامية، ورأيت بخط موثوق به أنه أجاب في بعض تصانيفه من أول النهار إلى حين العصر إلى موضع سماه من التصنيف فعددت ذلك فوجدته بخط متوسط خمس كوامل. فليعجب المتعجبون ولا عجب! ذلك من فضل الله يؤتيه من يشاء. وقلّ ما كان ينظر # في جواب مسألة بل كانت أجوبته على البديهة فإذا سئل عن التعليل شفى العليل ونقع الغليل وأوضح السبيل وجلا الدليل.

  وكان # في الورع والاحتياط ما يليق بسعة علمه وغزارة فهمه وعرف بذلك في جميع أحواله والحكايات في هذا المعنى كثيرة، وإنما نذكر اليسير ليستدل به على ما عداه. فمن ذلك أنه كان # يأتيه قوم كثير في أوقات مختلفة بشيء من الدراهم وغيرها فيقبض ذلك منهم، ثم يشكون شكية أو يطلبون إيفاء حق ونحوه، فيرد ذلك كله بعد إبلاغهم ما يجب إبلاغه. ومنها ما روي أن رجلا أتاه بدينار وسائل يسأله فسلمه إليه، فعاد صاحب الدينار فشكى عليه أمرا فأمر له بدينار عوضا عن ديناره وأن يستبري منه، فقال الرجل: إنه بريء، فقال: قد قبلناه، وهذا صدقة عليك. ولقد رأيته # ذات يوم من الأيام وهو قابض على درهم يريد صرفه إلى بيت المال عوضا عن شيء لا خطر له من نقل تناوله، وكان قد جيء به من قوم فدى ومن بعضهم دون بعض فالتبس ذلك.

  وكان # معروفا بالإيثار على نفسه من حال شبابه، كثير الإحسان إلى الوافدين، جم المعروف للطالبين، يعطى ما يجد، ويستدين إذا لم يجد، وهذه أمور تعلم باضطرار من حاله فلا معنى للاتساع منها.

  وكان # في ثبات القلب ومنازلة الأقران، ومجاولة الفرسان، بحيث لا