الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر بيعته #، وانتصابه للأمر العام ومنتهى عمره #

صفحة 287 - الجزء 2

  ثم أنشأ # الدعوة وأودع فيها من الغرائب والعجائب ما ظهوره يغني عن ذكره، قال في صدرها: سلام عليكم، فإني أحمد إليكم اللّه الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، الذي دل على وجود ذاته بما أظهر من آياته، وعلى عدله وحكمته بما بيّن من دلالته، بعث إلى كل أمة رسولا ليكون نافعا لهم، عليهم شهيدا، ولهم إلى الخيرات دليلا، وخلف النبوءة بالإمامة، لتنفيذ أحكام النبوة في البلاد إلى يوم انقطاع التكليف على العباد، فقال لا شريك له: {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ}⁣[الرعد: ٧] وصلى على المبعوث بجوامع الكلم، وبدائع الحكم، المفضّل على جميع البشر من العرب والعجم، وعلى آله مصابيح الظلم، ومفاتيح البهم.

  ثم أخذ # في فنون حسنة من الكلام موشحة بالكتاب والسنة وقال فيها: أترون عبد اللّه يفتتن بدنيا قد عرف باطنها أيقن من معرفة جلكم بظاهرها؟ واهتم بآجلها أعظم من اهتمام أكثركم بعاجلها؟ يأبى اللّه ذلك عليه، ورسوله صلى اللّه عليه، وجدود طابت، وحجور طهرت، ومواليد شرفت، ومناكح استنجبت، كيف تكون النفوس النبوية العاقلة كالبهائم العاملة، فعليكم رحمكم اللّه بتقديم التوبة والإنابة، قبل الإقبال والإجابة، فإني آمركم بفعلي قبل الأمر لكم بقولي، وأنهاكم عما أنهى نفسي وأهلي، المساوي لي منكم في السن أتخذه أخا، والمتقدم أبا، والصغير ولدا، لا آنس إلا بأهل العلم منكم والطاعة، ولا أنفر إلا عن أهل المعصية والضلالة، ومن العجائب أنه أنشأها على أنها محاسن الكلام ما بين صلاة الظهر والعصر لا غير.

  واستقر # بناحية صعدة حرسها اللّه تعالى بالمشاهد المقدسة على ساكنيها السلام، وفرّق الدعاة والولاة في النواحي والأقطار، والأحكام تجري على موافقة الشرع الشريف، فهو يزداد ظهور الدين الحنيف. وكان للأمير الكبير شمس الدين يحيى بن أحمد قدس اللّه روحه العناية الأكيدة، والصبر على تحمل مشقة السفر