الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر بيعته #، وانتصابه للأمر العام ومنتهى عمره #

صفحة 304 - الجزء 2

  الغنائم تنقلب بها الجنود حالا بعد حال، واستقر أمره # في نواحي مذحج وصلّيت الجمع فيها، وقبضت منها الأموال، وكانت تأتيه وقتا بعد وقت حتى كانت سببا لقوة أمره وظهور كلمته، ونظم الجنود أحسن نظام، وقدر أرزاقهم، وعمر حصن ظفار⁣(⁣١) حرسه الله تعالى في شهر شوال سنة ستمائة فكان سببا لانتظام أحواله وسداد أموره، وأعلى الله كلمة الدين، ولم تزل البعوث والسرايا في كل حين إلى أرض الأعادي تجوس خلالها، وتستلب أموالها، وتسبي أطفالها⁣(⁣٢)، وتقتل رجالها⁣(⁣٣).

  ثم وجه # دعاته إلى نواحي جيلان وديلمان، فبايعوا جميع من بها من الزيدية، وعلا فيها ذكره، وخطب له في مساجدها، وصليت الجمع، وقبضت الحقوق الواجبة باسمه، وجاهدوا من يليهم من الجبرية المجسمة والباطنية، وتيمنوا ببركة دعوته، واستسعدوا بإجابته حتى إن بلادهم كانت قد أصابتها حطمة شديدة عظمت معها عليهم البلوى، وعضّتهم بها الأزمة الشديدة، فما كان إلا ريث دخول الدعوة إلى جهاتهم، فأبدل الله تعالى بالجدب خصبا، وزالت الشدة عنهم عن قريب ووردت الدعوة والسعر فيها بالمثقال الذهب ما بين ثلاثين قفيزا إلى خمسين، فبلغ بعد ذلك مائتين وخمسين قفيز إلى ثلاثمائة بالمثقال، وجاهدوا في سبيل الله عز وعلا، وأقيمت عندهم الحدود، وكانت الأوامر النبوية جارية فيها على الوجه الذي هي جارية في هذه النواحي.

  ولقد أخبرنا من نثق به وهو الفقيه الفاضل حمزة بن محمود الجيلاني من شدة تشددهم في ذلك بما يكثر حتى إن رجلا من علمائهم ظهر منه تخذيل عن بيعة


(١) ظفار داود: حصن أثري في الجهة الشمالية الشرقية من مدينة ذيبين على بعد ٧٠ كم شمال صنعاء.

(٢) في (ب): أموالها.

(٣) انظر السيرة المنصورية لأبي فراس بن دعثم ٢/ ٤٧٩، ٦٣٤ - ٦٣٦.