ذكر طرف من مناقبه وأحواله #:
  وترد عادية الخميس سيوفنا ... وتقيم رأس الأصيد القمقام(١)
  وروينا عن علي بن الحسين @ قال: قال أهل الشام لمحمد بن الحنفية، وقد برز في بعض أيام صفين: هذا ابن أبي تراب، هذا ابن أبي تراب، فقال لهم محمد بن الحنفية: اخسئوا ذريّة النّار، وحشو النفاق، وحصب جهنم أنتم لها واردون، عن الأسل النافذ، والنجم الثاقب، والقمر المنير، ويعسوب المؤمنين، من قبل أن تطمس وجوه فتردّ على أدبارها، وتلعنوا كما لعن أصحاب السبت، وكان أمر الله مفعولا.
  أو لا تدرون أي عقبة تتسنمون، بل ينظرون إليك وهم لا يبصرون، أصنو رسول الله ÷ تستهدفون؟ ضلة بكم، هيهات برّز والله بسبق، وفاز بخصل محرزا القصبات سبقه، فانحسرت عنه الأبصار، وتقطعت دونه الرقاب، واحتفزت دونه رجال، وكرّثهم السعي، وفاتهم الطلب، وأنّى لهم التناوش من مكان بعيد. فخفضا أقلّوا لا أبا لأبيكم من اللوم، أو سدوا المكان الذي سدوا، وأنّى تسدون مسدّ أخي رسول الله ÷ إذ شفعوا، وشبيه هارون إذ منحوا، والبادي ببدر إذا ابتدروا، والمدعو إلى خيبر إذ نكلوا، والصابر مع هاشم يوم هاشم إذ حصّلوا، والخليفة على المهاد ومستودع الأسرار!
  تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
  وأنّى يبعد عن كل مكرمة وعلا وقد نمته ورسول الله أبوه، وتفيئا في ظل، ودرجا في سكن، وربيا في حجر، منتجبان مطهران من الدنس، فرسول الله ÷ للنبوءة، وأمير المؤمنين # للخلافة، خلافة قد رفع الله عنها سنّة الاستبداد، وطمس عنها وسم الذلة فقد حلأها عن شربها أخذا بأكظامها، يرحضها عن مال الله حتى عضّها الثقاف، ومضها فرض الكتاب، فجرجرت جرجرت العود، فلفظته أفواهها، ومجته شفاهها، ولم يزل على ذلك وكذلك،
(١) ديوان الإمام علي ص ٩٢، وتاريخ ابن عساكر ٤٢/ ٥٢٢.