الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

رسالة ابن النساخ:

صفحة 323 - الجزء 2

  وبحار الجهل قد طمت، حتى أعلى الله كلمة الحق بقيامه، فانتشرت أعلام الحق، وقامت قناة الصدق، وتفجرت عيون العلم، وهطلت سحائب الفهم، وأنقت رياض المعارف الدينية، وعمرت معالم السنن النبوية، وغارت بحار الجهالات، وانطمست رسوم الضلالات، ولقد حصلت ببركته من الخيرات الجسام، والفوائد العظام، من العلم والعمل، وظهور مفردات الدين والجمل، ما ظهوره يغني عن بيانه، وضرورته تنوب عن برهانه، ولقد كانت المطرفية الشقية الكفرية الغوية تسعّرت نارهم، وطلع نهارهم، وأظهروا الكفر في دار الإسلام، ونسبوه إلى العترة الكرام، ودرّسوه في كنائسهم، ودعوا إليه نظما ونثرا، حتى طبق مذهبهم كثيرا من الآفاق، وخدعوا الأنام بحب العترة $، فلم يزل # ساعيا في إبادة جرثومتهم، واقتلاع أرومتهم، أولا بالدليل والبرهان، وثانيا بالهندي والسنان، حتى فرّق الله عز وعلا جموعهم، وأخرب ربوعهم، وحصل ذلك على يديه سلام الله عليه.

  ولقد حكي أن القاضي العالم شمس الدين جعفر بن أحمد بن أبي يحيى ¥ رأى في النوم أنه كتب مذهب المطرفية في لوح وأعطاه شريفا يمحوه، فكان # هو الذي طمس آثارهم، وأباد ديارهم، وحكم فيهم بالأحكام النبوية، من القتل وسبي الذرية، وأجراهم مجرى الحربيين، عملا بما انعقد عليه إجماع الصحابة الراشدين رضوان الله عليهم أجمعين بعد الرسول ÷ من قتل بني حنيفة وغيرهم، وسبي ذراريهم، وتغنم أموالهم، لأنهم كفروا بعد الإسلام وصارت لهم شوكة فانتقل حكمهم إلى حكم الحربيين، وأين الأمر من الأمر إنما كفرت بنو حنيفة بأمور يسيرة، والمطرفية كفرت بأشياء يطول ذكرها، وهي إنكارهم أن يكون الله تعالى يمرض عباده ويسقمهم ويؤلمهم ويميت الأطفال الصغار وغير ذلك من كفرهم، وأنكروا أن يقصد الله تعالى بالصواعق والبرد