الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

رسالة ابن النساخ:

صفحة 324 - الجزء 2

  المسلمين، وزعموا أن ذلك إنما يقع على جهة المصادفة لا بقصد من الله وإرادة، فحكّمهم # إلى الكتاب الكريم والسنة فحكما له # بالقتل وتغنم الأموال، فأعمل في هامهم الصفاح، وثقف لنحورهم الرماح، وقاد إليهم الجنود بعد الجنود، ونظم إليهم حينا بعد حين العسكر المحشود، حتى نال المراد، وأرضى رب العباد، ولقد خرج ببركته من الكفر إلى الإسلام خلق لا يحصيهم عددا إلا الله تعالى، وهي قبائل ضخمة كانت تدين بدين المطرفية أقمأهم الله تعالى، فشملتهم بركته فتابوا إلى الله تعالى وصاروا سيوفا على المطرفية الشقية، وأضحى مذهبهم بعد تلك الغضارة والبهجة التي كانت له عند الناس ذاويا، بعد أن كان عندهم عاليا ساميا، وكان ذلك بحميد سعيه، ولطيف تدبيره سلام الله عليه بعد توفيق الله تعالى. وكذلك الجبرية القدرية فإنه # أجرى فيهم ما أجراه على المطرفية من القتل وسبي الذرية، لقضائهم بقدم القرآن فخرجوا بذلك عن التوحيد، ومن خرج عن التوحيد كان كافرا، وكذلك فإنهم حملوا على الله تعالى الكذب والظلم والجور وسائر القبائح، وأخرجوه تعالى عن أن يكون حكيما، ومن قضى بأنه ليس بحكيم ولا عدل فلا شبهة في كفره، فكذلك إذا قضى بأنه يفعل سائر القبائح وفنون الفضائح، وقالوا: بأنه تعالى يريد الفواحش وكافة القبائح من الظلم والعبث وأنواع الكفر وهذا مذهب المشركين الذين حكاه الله تعالى بقوله حاكيا: {وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}⁣[الزخرف: ٢٠]، وقال: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ}⁣[الأنعام: ١٤٨]، فلما تحقق # كفرهم علم جواز قتلهم وسبي ذراريهم وتغنم أموالهم.