الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر طرف من مناقبه وأحواله #:

صفحة 57 - الجزء 1

  حتى أقشع عنكم ريب الذّلة، واستنشقتم ريح⁣(⁣١) النّصفة، وتطعمتم قسمة السوآء، سياسة مأمون الخرفة⁣(⁣٢)، مكتهل الحنكة، طبّ بأدوائكم، قمن بدوائكم، يبيت بالربوة، كاليا لحوزتكم، جامعا لقاصيتكم، يقتات الجريش، ويلبس الهدم، ويشرب الخمس، وأنتم تريدون أن تطفئوا نور الله بأفواهكم: {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ}⁣[التوبة: ٣٢].

  ثم إذا تكافح السيفان، وتبادرت الأقران، وطاح الوشيج، واستسلم الوشيظ وغمغمت الأبطال، ودعت نزال، وغرّدت الكماة، وقلّصت الشفاه، وقامت الحرب على ساق، وسألت عن أبراق، ألفيت أمير المؤمنين مثبتا لقطبها، مديرا لرحاها، دلافا للبهم، ضرابا للقلل، سلابا للمهج، ترّاكا للونية⁣(⁣٣)، مثكل أمهات، ومؤيّم أزواج، ومؤتم أطفال، طامحا في الغمرة، راكدا للجولة، يهتف بأولاها فتنكفئ على أخراها، فآونة يكفاها، وفينة يطويها طي الصحيفة، وتارة يفرقها فرق الوفرة، فبأي مناقب أمير المؤمنين تكذبون، وعن أي امرئ مثل حديثه تروون، وربنا المستعان على ما تصفون، وتفصيل مناقبه # تخرجنا عن المراد وإنما نبهنا عن اليسير دون الكثير.

  وقد روينا في مثل هذا المعنى عن النبي ÷ أنه قال: «لو أن الغياض أقلام، والبحار مداد، والجن كتّاب، والإنس حسّاب ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب»، فكيف يروم أحد مع ذلك الإحاطة بمناقبه والإحصاء لمكارمه.

  هذا وقد روينا في قوله تعالى: {فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ}⁣[آل عمران: ٦١] أن رسول الله ÷ دعا عليّا وفاطمة @، والحسن والحسين، فكانت الأنفس المراد بها نفس النبي ونفس علي ª، والنساء المراد بها فاطمة &،


(١) في (ج): روح.

(٢) في (ب): الحرفة.

(٣) في (ج): للوثبة.