(وقعة الجمل)
  علي # إليهم أبا أيوب الأنصاري، وصعصعة بن صوحان، ثم سار إليهم بنفسه في اليوم الثالث، واحتج عليهم فندموا على ذلك وانصرفوا إلى الكوفة، وأجمع أمير المؤمنين # على المسير إلى الشام، ووافقوه على ذلك، فجمع من الحجاز والبصرة ومن نواحيها أربعين ألفا، وأنفذ على مقدمته قيس بن سعد بن عبادة في ستة آلاف، فمضى إلى أرض الجزيرة(١)، وسار أمير المؤمنين ~ حتى نزل أرض مسكن، فلما كان في بعض الطريق من الليل خرج من أهل الكوفة والبصرة سبعة آلاف، وقيل: ثمانية آلاف رجل فأغاروا وقتلوا عبد الله بن خبّاب ابن الأرت وإلي المدائن وأمّ ولده وولدا له صغيرا ورجلا من بني أسد كان يحمل الميرة إلى عسكر علي #، فقيل لعلي #: كيف تخرج وعدونا في مكاننا يغير علينا! فانصرفوا وانصرف أمير المؤمنين # إلى الكوفة، ومضى الخوارج إلى شهرزور ونواحيها، يغيرون، ويقتلون، ويسبون، ورئيسهم من أهل الكوفة عبد الله بن وهب وزيد بن حصين، ومن أهل البصرة(٢) مسعر بن فدكي والمستورد ابن علقمة، فسار إليهم علي # مع قيس بن سعد وسهل بن حنيف ومعقل بن قيس وشريح بن هاني، ومالك الأشتر في زهاء عشرة آلاف حتى انتهى إلى النهروان في عسكره فوجد القوم قد تجردوا للقتال واستقبلوه بصدور الرماح، فنادى أمير المؤمنين # قنبرا فقال: يا قنبر ناد القوم ما نقمتم على أمير المؤمنين؟
  ألم يعدل في قسمتكم، ويقسط في حكمكم، ويرحم مسترحمكم، لم يتخذ أموالكم دولا، ولم يأخذ منكم إلا السهمين اللذين جعلهما الله سهما في الخاصة وسهما في العامّة، فقالت الخوارج: يا قنبر إن مولاك رجل جدل، وهو رجل خصم، وقد قال الله تعالى: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}[الزخرف: ٥٨] وهو
(١) الجزيرة: موضع بعينه، وهو ما بين دجلة والفرات. مختار الصحاح ص ١٠٢.
(٢) الجزيرة: موجودة في (ج) فقط.