الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ومن خطبة له # وهي المعروفة بالشقشقية

صفحة 111 - الجزء 1

  ولا للازدياد بها في ملكه، ولا لمكاثرة شريك في شركه، ولا لوحشة كانت منه فأراد أن يستأنس إليها، ثم هو يفنيها بعد تكوينها، لا لسأم دخل عليه في تصريفها وتدبيرها، ولا لراحة واصلة إليه، ولا لثقل شيء منها عليه، لا يمله طول بقائها فيدعوه إلى سرعة إفنائها، لكنه سبحانه دبرها⁣(⁣١) بلطفه، وأمسكها بأمره، وأتقنها بقدرته، ثم يعيدها بعد الفناء من غير حاجة منه إليها، ولا استعانة بشيء منها عليها، ولا لانصراف من حال وحشة إلى حال استئناس، ولا من حال جهل⁣(⁣٢) وعمى إلى علم والتماس، ولا من فقر وحاجة إلى غنى وكثرة، ولا من ذل وضعة إلى عز وقدرة⁣(⁣٣).

ومن خطبة له # وهي المعروفة بالشّقشقيّة⁣(⁣٤):

  أما والله لقد تقمّصها فلان، وإنه ليعلم أن محلّي منها محلّ القطب من الرّحى: ينحدر عني السيل، ولا ترقى إليّ الطير. فسدلت دونها ثوبا، وطويت عنها كشحا، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذّاء، أو أصبر على طخية عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربّه. فرأيت أنّ الصبر على هاتا أحجى. فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجى، أرى تراثي نهبا، حتى مضى الأول لسبيله، فأدلى بها إلى فلان بعده (ثمّ تمثّل # بهذا البيت):

  شتّان ما يومي على كورها ... ويوم حيّان أخي جابر

  فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته، إذ عقدها لآخر بعد وفاته، لشدّ


(١) في (أ): برأها.

(٢) في (ب، ج): جهد.

(٣) نهج البلاغة، الخطبة رقم: ١٨٤ ص ٤٣٩.

(٤) نهج البلاغة، الخطبة ج / ١ رقم: ٣ ص ١٠٢.