الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

بيعته # ومدة ظهوره وانتصابه بالأمر

صفحة 195 - الجزء 1

بيعته # ومدة ظهوره وانتصابه بالأمر

  خرج # من المدينة حين ورد نعي معاوية، وطلب بالبيعة ليزيد، وامتنع من ذلك يوم الأحد لليلتين بقيتا من رجب سنة ستين إلى مكة، ودخلها ليلة الجمعة لثلاث خلون من شعبان، ووردت عليه كتب أهل الكوفة كتاب بعد كتاب - وهو بمكة - بالبيعة في ذي الحجة من هذه السنة، ولما وافته بيعة أهل الكوفة خرج من مكة سائرا إليها لثمان خلون من ذي الحجة.

  وروي أنه لما أراد الخروج إلى العراق خطب أصحابه فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن هذه الدنيا قد تنكّرت وأدبر معروفها، فلم يبق إلا صبابة كصبابة الإناء، وخسيس عيش كالمرعى، ألا ترون أن الحق لا يعمل به، وأن الباطل لا ينهى عنه، ليرغب المرء في لقاء ربه، فإني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا شقاوة. فقام إليه زهير من القين العجلي فقال: قد سمعت مقالتك هديت، ولو كانت الدنيا باقية وكنا فيها مخلّدين، وكان في الخروج مواساتك ونصرتك، لاخترنا الخروج منها معك على الإقامة فيها، فجزاه الحسين بن علي @ خيرا ثم قال:

  سأمضي وما بالموت عار على الفتى ... إذا ما نوى حقّا وجاهد مسلما

  وواسى الرجال الصالحين بنفسه ... وفارق مثبورا، وحارب مجرما

  فإن عشت لم أندم، وإن مت لم ألم ... كفى بك داء أن تعيش وترغما⁣(⁣١)

  فلما نزل بستان بني عامر كتب إلى محمد أخيه وأهل بيته: من الحسين بن


= الإمام زيد ٤٠٤، والشجري ١/ ١٤٣ - ٣٣١، والبيهقي في السنن ٢/ ١٤٨، وابن حنبل ٤/ ٣٧ برقم ١١١٣١، والترمذي ٦٢٢ برقم ٣٧٨٨، وكنز العمال ١/ ٣٨٠ - ٣٨١، ومجمع الزوائد ٩/ ١٦٢ والدارمي ٢/ ٤٣٢.

(١) الطبري في تاريخه ٥/ ٤٠٤، ومجمع الزوائد ٩/ ١٩٣، والطبراني في الكبير ٣/ ١١٤ برقم ٢٨٣٢، وذخائر العقبى ١٤٩، والكامل لابن الأثير ٣/ ٢٨١، وأمالي أبي طالب ص ٩١.