الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر بيعته # ونبذ من سيرته واستتاره

صفحة 7 - الجزء 2

ذكر بيعته # ونبذ من سيرته واستتاره⁣(⁣١)

  لما استشهد أخوه محمد بن إبراهيم # وهو بمصر دعا إلى نفسه، وبث الدعاة وهو على حال الاستتار، فأجابه عالم من الناس من بلدان مختلفة، وجاءته بيعة أهل مكة والمدينة والكوفة، وأهل الري وقزوين وطبرستان وتخوم الديلم، وكاتبه أهل العدل من البصرة والأهواز، وحثّوه على الظهور وإظهار الدعوة، وأقام # بمصر نحو عشر سنين، واشتد الطلب له هناك من عبد الله بن طاهر فلم يمكنه المقام، فعاد إلى بلاد الحجاز وتهامة، وخرج جماعة من دعاته من بني عمه وغيرهم إلى بلخ والطالقان والجوزجان، فبايعه كثير من أهلها، وسألوه أن ينفذ إليهم بولد له ليظهروا الدعوة، فانتشر خبره قبل التمكن من ذلك، فوجهت الجيوش في طلبه، فانحاز إلى حي من البدو واستخفى فيهم، وأراد الخروج بالمدينة في وقت من الأوقات، فأشار عليه أصحابه بأن لا يفعل ذلك، وقالوا: إن المدينة والحجاز تسرع إليهما العساكر ولا يتمكن فيها من الميرة⁣(⁣٢)، ولم يزل على هذه الطريقة مثابرا على الدعوة، صابرا على التغرب والتردد في النواحي والبلدان، متحملا للشدة مجتهدا في إظهار دين الله.

  ولما اجتمع أمره وقت خروجه بعد وفاة المأمون وتولي محمد بن هارون الملقب بالمعتصم شدد محمد هذا في طلبه، وأنفذ عساكر كثيفة في تتبع أثره، وأحوج إلى الانفراد عن أصحابه، وانتقض أمر ظهوره. ذكره السيد أبو طالب # قال: وله بيعات كثيرة في أوقات مختلفة أولها سنة تسع وتسعين ومائة، والبيعة الجامعة لفضلاء أهل البيت $ كانت سنة عشرين ومائتين في منزل محمد بن منصور المرادي بالكوفة، فإنه بايعه هناك أحمد بن عيسى بن زيد فقيه


(١) ينطر الإفادة: ٩٤، والمصابيح ٥٦٣ - ٥٦٤.

(٢) وهي جلب الطعام.