الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر بيعته #، وانتصابه للأمر العام ومنتهى عمره #

صفحة 286 - الجزء 2

ذكر بيعته #، وانتصابه للأمر العام ومنتهى عمره #

  كانت دعوته # العامة التي هي دعوة الإمامة وقد تقدم من الجوف إلى الحقل في شهر ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، وصار إلى هجرة دار معين فأقام بها أربعة أشهر تنقص أياما، وكان في هذه المدة اجتماع العلماء ومحاورتهم له ومناظرته حتى وجدوه بحرا لا ينفده النازح، وخضما لا يفنيه الماتح. وكانت الأسئلة في أصول الدين وفروعه، ومعقوله ومسموعه، ومعاني الآيات المشكلة، وفوائد الحديث المعربة، فحينئذ اعترفوا بأن جواده في ميدان الفضل المجلي، وأنه السابق غير المصلي، وتحققوا أنه أولى أهل عصره بالقيام بأمر الأمة، وأنه المرجوّ لكشف الغمّة، فلما كان يوم الجمعة الثالث عشر من شهر ربيع الأول سنة أربع وتسعين وخمسمائة تقدم # ومن معه إلى المسجد الجامع فبايعه الناس، وكان أولهم الأميران الداعيان إلى اللّه سبحانه وتعالى شيخا آل الرسول ÷: شمس الدين وبدر الدين يحيى ومحمد ابنا أحمد بن يحيى بن يحيى بن الناصر بن عبد اللّه بن محمد بن المختار بن الناصر أحمد بن الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم $، ثم بعدهما الأكابر من فضلاء أهل البيت $، ثم سائر العلماء من شيعتهم رضوان اللّه عليهم.

  وكانت ألفاظ بيعته # أن يقول بعد بسط يده: أبايعك على كتاب اللّه تعالى، وسنة رسوله صلّى اللّه عليه وعلى آله، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وموالاة وليّنا ومعادات عدونا، والجهاد في سبيل اللّه بين أيدينا، فإذا قال الرجل نعم، قال: عليك كذلك ميثاق الله وعهده، وأشد ما أخذ اللّه على أنبيائه من عهد أو عقد، فيقول الرجل: نعم، فيقول #: اللّه على ما تقول وكيل، وربما أكد فقال: وعلى أن نقيم ألسنتنا بالحق ولا تأخذنا في اللّه لومة لائم، وربما قال: وعلى الصبر في البأساء والضراء وحين البأس.