وكتب # إلى ولده الأمير الناصر لدين الله
  أساس الطاعة الحياء، أساس المعاصي الكذب، عظم الأحداث دليل على زوال الدّول، من نقم الثأر ما يورث العار.
وكتب # إلى ولده الأمير الناصر لدين الله
  في شهر ذي الحجة سنة تسع وتسعين وخمسمائة:
  ﷽ سلام عليك فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ونسأله لنا فيك بلوغ المراد والهدى إلى سبيل الرشاد، أما بعد: فإن أولى الناس بالفضائل من كانت النبوة أصل شجرته، والوصية بذر ثمرته، والخلافة سنح نسبه ووشيجة لحمته، وكان مسرحه في كلإ شرع جدّه شارعه، ومعقله في ذروة مجد والده فارعه، وإنّ أمير المؤمنين قد تفرّس فيك فراسة رجا فيها الإصابة، وقضت له فيك بالأصالة والنجابة، فإياك أن تكذب فراسته أو تخيب ظنّه، وعليك بالصبر فإنه مرّ المبدأ، حلو العاقبة، شمّر في درس العلوم فإنها حياة النفوس، وجلاء القلوب، وآثر من ذلك الأهم فالأهم، فأوّل ما تبدأ به معرفة الله سبحانه فإنها رأس العلم، وقاعدة الدين ومغناطيس النجاة، فتفهمها بالبراهين وتوابعها ولوازمها وما ينبني عليها وينضاف إليها من أفعاله تعالى وأحكام أفعاله وما يجوز عليه وما لا يجوز وما يجوز أن يفعله وما لا يجوز أن يفعله، والنبوءات والشرائع، والإمامة وتوابعها وما ينبني عليها.
  وأتبع ذلك علم اللسان العربي إذ لا يصح علم الشرع الشريف إلّا به، ثم بعد ذلك تعلّم أصول الشرع وفروعه بأدلتها وعللها وأسبابها وشروطها وما يشهد لها ويدلّ عليها من الأقوال والأفعال النبوية، واعتمد بعد ذلك على ما صحّ من إجماع الأمة والعترة، اجعل العمل مطيتك، والعلم دليلك، والحق سبيلك، ولا تركن إلى الاغترار، وتفكّر عند سكون جوارحك من الحركات في طاعة الله،