مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة [في أن الله لا يريد القبيح]

صفحة 113 - الجزء 1

  وأما قوله: أفيحب ربنا أن يعصى فهذا مستقيم؛ لأنه لو أحب معصية لكانت المعصية طاعة لأن الطاعة ما أحب أن تقع من فعلنا.

  وأما ما روي من علي بن الحسين أنه قال: أفيعصى ربنا قهرا؛ إما أن قاهرا قهره حتى عصاه فيما أراد منعه منه فذلك لا يصح لأنه تعالى القاهر فوق عباده، ولكنه لم يرد قهرا لعباده في دار الدنيا، وإنما أراد أن يمتحن بعضنا ببعض، كما قال: {وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً}⁣[الفرقان: ٢٠]، وقال: {لَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}⁣[الحج: ٤٠]، وهو تعالى غني عن نصرنا، وقادر على انتقام من عصى بغير أيدينا، وإنما أراد أن يمتحننا لنفع يعود علينا.

  وأما قوله: إن قضى علي بالرديء، ومنعني من الهدى، أحسن إلي أم أساء؟ قال: فقال علي بن الحسين: إن منعك شيء هو لك فقد أساء، وإن منعك شيء هو له، فالفضل له يختص برحمته من يشاء. فالسؤال مستقيم، والجواب المضاف إلى علي بن الحسين # غير مخلص، ولو كان من علي بن الحسين - أعني الكلام - لكان عليه نور النبوة وعلم الهدى.

  وفي قول الراوي: ظلمك شيئا هو لك أم له، فإن ظلمك شيئا هو لك فقد أساء، ولا شك أن المعتمد على الله سبحانه بموجب الحكمة أن لا يمنعه عن فعل ما أمره به، ولا ينهاه عن ترك ما جبره عليه، ولأن في مقابلة المعصية النار الكبرى التي لا يموت فيها ولا يحيا، فكيف لا يظلمه إذا جبره على المصير إلى هذا إكراها لغير جرم منه ولا عدوان.

  وأما قول الراوي: إنكم آل البيت أهل الحكمة وفصل الخطاب، فلا شك أن هذه صفة أهل البيت $، ولكن من حكمتهم أنهم نزهوا الباري تعالى، ووصفوه بالصفات العلى والأسماء الحسنى فتأمل ذلك موفقا والسلام.