مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

المسألة التاسعة [في توقيت الأفعال]

صفحة 20 - الجزء 1

المسألة التاسعة [في توقيت الأفعال]

  ما حكى الشيخ السائل أنه قال للمطر في الضال، المنكر لحكمة الكبير المتعال: هذه الأفعال التي توجد عند تناول الجمادات مثل الري والشبع والسكر أفعال ضرورية متى فعلها سبحانه في الوقت أو قبل الوقت أو بعده، فقال: قد ركب الجسم وجبره على ذلك، وليس الوقت يوجب قصد الشيء، ألا ترى أن الباري خلق الأصول والوقت في غير وقت فإذا أوجبت أن ما حصل في الوقت يكون غير مقصود.

  الجواب عن ذلك: أن السؤال في هذه الضرورية متوجه عليه، والدليل على ذلك: أنه إذا قال: جبر الباري سبحانه ذلك الجسم عليه وهو قوله، قيل له: إذا كان قد جبره عليه يوم خلقه وجب أن يحصل الري والشبع والسكر لجميع الناس في جميع الأوقات، ومعلوم خلافه لأن المجبور مع الكل على سواء لفقد الاختصاص، وإن كان جبره على ذلك عند تناوله فهذه مقالة الحق وهي موضع الخلاف، وإن قال بعد فلا قائل به.

  وأما قوله: خلق الأصول والوقت في غير وقت، فالوقت جزء من الزمان الذي هو الليل والنهار ولا وقت، ولا بد مما يتقدر وقتا في حصول الأصول فالمقدر ليس بشيء، فيقال: هل خلق في وقت أم لا؟ لأن ما ليس بشيء لا يقال خلق، ولكنه أدخل نفسه في شيء قبل معرفته.

  وقوله: إذا أوجبت ما يحصل في الوقت يكون مقصودا أوجبت ما يحصل في غير الوقت أن يكون غير مقصود فهو كما ذكرنا، وهذه عادتهم يجمعون بين الأمرين بغير علة جامعة ولا طريقة رابطة، وهذا شأن الجهل لأن الجهل لا حواجز له ولا حدود، والحديث ذو شجون.

  روى السيد الشريف نظام الدين يحيى بن علي العلوي السليماني الحسني