مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

المسألة الرابعة والعشرون عن الأجسام هل تسمع وترى أم لا تسمع وترى إلا الأعراض؟

صفحة 181 - الجزء 1

  سأل أيده الله: عن العذر الذي يجب معه العفو ما حقيقته؟

  الجواب عن ذلك: أنه الذي يعلم الإنسان أو يغلب على الظن صحته، فأما الجواز فإنه يجوز قبوله وإن لم يغلب على الظن صحته، بل يغلب خلافه إذا كان في ذلك مصلحة دينية كما كان رسول الله ÷ يفعل مع المعذرين من الأعراب، والمنافقين يقبل عذرهم وإن علم الله سبحانه اختلافه.

  قال أيده الله وأيد به: ما المانع من سكون الجن في الهواء كما يدعيه ناس أنهم جن هوائيون؟

  الجواب عن ذلك: أنه لا مانع من ذلك لأن الأصل في إثبات خلق غير المشاهدة من ملائكة أو جن هو السمع، فإن ورد السمع بذلك قبل؛ إلا أنا لم نعلم إلا ما وصلنا من أخبار رسول الله ÷، فسكونهم الأرض وتناسلهم أيده القرآن الكريم بقوله: {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً}⁣[الجن: ١٢]، ولم يقل في الهواء، ولو كان لا يصح قولهم كونهم في الأرض تعرت الآية عن المعنى وذلك لا يجوز لأنه لا يقول: لن نعجزه حيث يستحيل أن نكون فيه، وفيهم رجال، كما قال تعالى: {وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِ}⁣[الجن: ٦]، وقال: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ}⁣[الذاريات: ٤٩]، ذكر أهل العلم الأشياء وهم من معظمها، وقد روينا بالإسناد الموثوق به إلى الإمام المرشد بالله # بالإسناد له، رفعه إلى رسول الله ÷، ذكره في (باب النبوءة) قال: كنا مع رسول الله ÷ في جبل من جبال تهامة، إذ وقف عليه إنسان فقال: السلام عليك يا رسول الله. فرفع ÷ رأسه وقال: «وعليك السلام، من أنت؟ نغمة الجن⁣(⁣١) وخنتهم»؟ قال: يا رسول الله أنا هامة بن


(١) في طبقات المحدثين بأصبهان لابن حيان ج ٣ ص ٢٦٨، رفعه إلى عمر بن الخطاب قال: بينما نحن جلوس مع النبي ÷ على جبل من تهامة، إذ أقبل شيخ في يده عصا فسلم على النبي ÷ فرد النبي ÷ ثم قال: نغمة الجن وغنتهم، من أنت؟ قال: أنا هامة بن الهيثم بن لا قيس بن إبليس ... وذكر بقية الحديث باختلاف طفيف.