مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

المسألة الأولى

صفحة 445 - الجزء 1

  المصالح لأن عنده أن حكم هذا المال حكم المال الذي لا يعرف له مالك في أنه يجب صرفه إلى المصالح.

  الكلام في هذه المسألة أن الوقف لا بد فيه من لفظ التأبيد أو ما يقوم مقامه كأن يقول جعلته لله أو حبسته لله أو وقفته لله تعالى لا نهاية لوجوده فلا ينتهي ما هو له؛ فإذا كان ذلك كذلك كان وقفا وكانت مصارفه في طاعة الله، فأقرب ما يلزمه أمره نفسه وولده وعبيده على المراتب التي ذكرها النبي ÷؛ فإذا صرف غلته إلى إنسان معين مدة معينة جاز وكانت تلك المدة للرجل ولمن يلزمه أمره شرعا من ورثته، فإذا انقضت المدة رجع إلى الأصل الأول، ولو أنه وقفه فصرفه إلى إنسان مدة كان له أن يغير مصرفه على قدر تحريه للمصلحة أو نظره فيها لأن ولايته فيه باقية، ولا يملك المصروف إليه منه إلا ما صار إليه وقبضه، وإنما قلنا يكون لورثته إذا بقي نظر الواقف على حاله.

  وأما قول من يقول يرجع ملكا لا وقفا فذلك إذا كان الوقف غير مؤبد، كأن جعله لفلان عشر سنين من باب العمرى، وذلك لا يخرجه من باب الملك، وقوله: عشر سنين وإن كان وقفا لغويا فإن الشرع قد طرأ عليه وصار الوقف يفيد التأبيد شرعا؛ وأما رجوعه إلى المصالح فذلك فيما لم يعين فهو أولى من المصالح والأصول تقضي بذلك.

  قال أيده الله مسألة: وإن وقف ماله كله على بعض ولده دون بعض نحو أن يقفه على الذكور دون الإناث من ولده وولد ولده؛ فإن أجاز الذين لم يقف عليهم كان ذلك وقفا على من وقفه عليهم، وإن لم يجيزوه كان الثلث وقفا على الذين وقفه عليهم من الذكور دون الإناث، والباقي يكون وقفا على جماعتهم من الذكور والإناث على فرائض الله سبحانه.