مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

المسألة الأولى

صفحة 448 - الجزء 1

  الوجوه، والعمدة فيما قلنا هو ما قدمنا أن الوقف لا يجد له صحة أصلا إلا القرب؛ فإذا أخرجه عن باب القربة وأجازه كان بانيا على غير أصل، ووجه ما حكيناه عن الأئمة $ ما قدمنا ذكره من اعتقاده إن فعله ذلك على تلك الصورة يحتمل أن يكون قربة، والثاني يظهر لنا ممن يفعل ذلك أنه لا يفعله إلا إيثارا للذكور ومحاذرة من إرث أولاد البنات، وقد رأينا من بعضهم أنه يصرف لأولادها نصيبا إن كان من عصبته، وإن كان من غيرهم قطعه، وهذا قطع ميراث وارث، وقد ورد فيه الوعيد فكيف تتعلق به القربة.

  قال أيده الله حاكيا: وإن كان في حال المرض كان الثلث وقفا عليهم كما ذكر، والثلثان يكون موقوفا على إجازة الباقين على الروايتين جميعا؛ فإن أجازوه كان وقفا كما قال، وإن لم يجيزوه كان وقفا على ما يقتضيه الميراث؛ وذلك لأنه ليس له أن يزوي من ماله عن الورثة في حال المرض أكثر من الثلث، فالوقف في حال المرض يجري مجرى الوصية؛ فأما مقدار الثلث فله أن يتصرف فيه كيف شاء للخبرين اللذين قدمنا في الهبة، وعند المؤيد بالله قدس الله روحه إذا كان ذلك في حال المرض فإنما زاد على الثلث رد على جميعهم ملكا لا وقفا.

  الكلام في ذلك: أنه ينبني ذلك على أن له أن يفعل في الثلث ما شاء مطلقا، وعندنا أن له أن يفعل فيه ما شاء ما لم يمنع منه الشرع النبوي زاده الله جلالة وشرفا، وقد بينا أن الشرع النبوي منع من إيثار بعض الورثة على بعض في حال الصحة، فكيف يجوز ذلك في حال المرض وله أن يعطي الثلث في حال المرض من شاء، وذلك خارج عن باب الوقف؛ لأن الوقف لا ينبني إلا على القربة وإلا كان خارجا عن بابه، ولأن قوله: ليس له أن يزوي عن ورثته أكثر من الثلث في حال مرضه، فقد رجع إلى تعليلنا إنما منعته الشريعة من