مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

وهذه أجوبة مسائل له #

صفحة 589 - الجزء 1

  وسألت: هل يجوز السلام على أهل دار الحرب باليد أم لا، وبالكتاب، أو ردّ في كتاب، أو لفظ شفاه؟ وهل لفسح الإمام في ذلك تأثير؟

  الجواب عن ذلك: أنّ ردّ السلام جائز باليد، أو اللفظ، أو الكتاب، وردّ الجواب واجب، ولا يفتقر ذلك إلى فسح الإمام إلا أن يكون قد حظره لمصلحة رآها.

  والدليل على ذلك أن أصحاب رسول الله ÷ كانوا يختلطون بالكفار ويسلّمون عليهم، وقد كان رسول الله ÷ يكتب إلى الكفار يدعوهم إلى الله تعالى، ويستفتح كتبه: «سلام الله عليكم، فإنّا نحمد الله إليكم». وقال له أصحابه: يا رسول الله، إنّا نجالس اليهود في كثير، فيعطس أحدهم، فنستحي منهم، ولا ندري ما نقول لهم؟ فقال: «قولوا: يهديكم الله ويصلح بالكم» وهذا أبلغ من مصافحة اليد؛ لأنه دعاء، وقد قال لعتبة بن ربيعة: «يا أبا الوليد»، وفي الكنية إنصاف، ونحن نروي ذلك مسندا.

  فأمّا لمن يدعو إلى الله سبحانه فلا كلام في ذلك، وهو أبلغ من هذا كله، وقد قال تعالى لموسى وهارون @: {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى}⁣[طه: ٤٤]، ولا بدّ من تقديم السلام على القول اللين؛ لأن ترك السلام من الجفوة عرفا وشرعا، وقد كان رسول الله ÷ يرد على اليهود سلامهم إذا سلّموا عليه، حتى قالوا لعنهم الله تعالى: السّام عليك يا محمد. فقال ÷: «وعليكم». فقالت عائشة من خلف الستر: بل عليكم يا إخوان القردة. وهم يريدون الموت، فإن كان في موضع غلظة أو إقامة حدّ أو مصادفة فعلهم لمنكر لم يسلم عليهم شرعا.