مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة [في متشابه القرآن]

صفحة 89 - الجزء 1

  لا يجوز عليه التجزؤ والانقسام لأن ذلك من صفات الأجسام، وهو تعالى ليس بجسم لأن الأجسام محدثة، وهو تعالى قديم، وهو يختص من صفات الكمال بما لا يختص به سواه لأن كل صفة في سواه جائزة، وصفة الكمال له واجبة سبحانه وتعالى، وكل كمال ينتقص إلا كماله، وكل جلال يتضع إلا جلاله، وهذه قضية دلالة العقل ومحكم القرآن قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشورى: ١١] ولو لم يختص بالوحدانية من كل وجه لكان مثله أشياء كثيرة، وإذا قد قررنا هذه الجملة فلنرجع إلى ألفاظ المسألة.

  قال أرشده الله: وغرضهم بذلك تأول ما يعارض مذهبهم من محكم الكتاب.

  اعلم أرشدك الله: أن التأويل لا يسلّم للمتأول جزافا فلا بد أن يطلب على صحة تأويله برهانا، فإن أقام الدلالة ونصب البرهان قبل قوله الخصم طائعا أو كارها، أو كابر مكابرة ظاهرة وكان عند المستحفظين خائبا وعند الله مائنا، وكفى بنفسه عليه حسيبا وبعقله على اختلاله رقيبا، وإن لم يقم دلالة ولا نصب برهانا لم يعط مراده بقوله ولا ينفعه تأويله.

  فأما قوله أرشده الله: الصحيح أن المتشابه منه عند علماء السنة والجماعة هو ما وصف به نفسه وتفرد بعلمه كاليد والجنب والساق والوجه، وهذا إجماع من الكل أنه متشابه، وقد أضاف سبحانه اليد والجنب والوجه إلى نفسه، وأما الساق فلا إضافة إليه في كتابه تعالى لأن قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ}⁣[القلم: ٤٢] يراد به وقوع الشدة وهو ظاهر في كلامهم.

  وقد قدمنا الكلام في اليد على وجه الاختصار فلنتكلم في الجنب والوجه كذلك.