مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة [في خلق الأفعال]

صفحة 98 - الجزء 1

  وأما قوله تعالى: {اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}⁣[الزمر: ٦٢] فالمراد بذلك مما لم يقدر عليه العباد لأن الآية وردت مورد التمدح، ولا يجوز إدخال أفعال العباد في ذلك لأن في أفعالهم قبيح لا يجوز أن يفعله تعالى، كسب أنبيائه $ وقتلهم، وتكذيب رسله، والفرية عليه، كما قال تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ}⁣[الزمر: ٦٠] ومن أفعالهم حسن يجب إثابتهم عليه، فلو كان من فعله لما استحقوا عليه ثوابا كما لم يستحقوا على صورهم وألوانهم، فهذا ما تيسر من الجواب، فتفهمه موفقا أرشدك الله.

مسألة [في خلق الأفعال]

  قال أرشده الله: قالت الزيدية: إن العباد هم الخالقون لأفعالهم دون الله، وزعموا أن الله يكره بعضها ويحب بعضها، فيكون في ملكه ما يكره تعالى الله عن ذلك وهو جبار الجبابرة ملك الدنيا والآخرة، قال وذلك باطل لقوله: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ}⁣[الأعراف: ٥٤]، وقوله تعالى: {وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ}⁣[الصافات: ٩٦] وقوله: {اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}⁣[الزمر: ٦٢] وقوله: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً}⁣[الفرقان: ٢]، وقوله: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى}⁣[الأنفال: ١٧] إلى غير ذلك.

  قال: فأما ما يذكرون من نسبتها إليهم بآيات القرآن الكريم، قال: فذلك على سبيل المجاز، قال: وقد نسب تعالى إلى الجمادات والأعراض أفعالا على سبيل المجاز كقوله تعالى: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها}⁣[الزلزلة: ٢] وقوله: {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ}⁣[النحل: ٢٦]، وقوله: {وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى ١ وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى}⁣[الليل: ١ - ٢]، وقوله: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ}⁣[الأنعام: ٧٦]، وقوله: {إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ}⁣[الانشقاق: ١] و {إِذَا