مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة [في خلق الأفعال]

صفحة 100 - الجزء 1

  قول الله تعالى قالوا به وصدقوا قال: {وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ}⁣[الزمر: ٧]، وقال: {وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ}⁣[التوبة: ٤٦] لكونهم لا يريدون إلا الفساد فثبطهم، وقال تعالى: {ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ}⁣[الحشر: ٥] فمعنى بإذن الله رضاه وأمره، وقال النبي ÷: «من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله شرهم، ومن أرضى الناس بسخط الله وكله الله إليهم»⁣(⁣١) إلى غير ذلك.

  وأما قوله: يكون في ملكه ما يكره فلا شك في ذلك لأنه تعالى يكره تكذيب رسله وقتلهم وعبادة غيره والإلحاد في أسمائه، ولكنه واقع في ملكه لا على وجه المغالبة وإنما هو على وجه التخلية والتمكين من ذلك لتمييز الخبيث من الطيب، والمسيء من المحسن، فخيّر ومكّن، وأوضح وبيّن، وجعل للعبد عينين، ولسانا وشفتين، وهداه النجدين، طريق الخير ورغّبه فيها، وطريق الشر وحذّره منها، ليهلك من هلك عن بيّنة، ويحيا من حي عن بيّنة.

  وأما أنه جبار الجبابرة مليك الدنيا والآخرة فذلك هو سبحانه وتعالى، وهو قاصم الجبارين، ومبيد المتكبرين؛ وإنما منعهم أياما قليلة لإبلاغ الحجة عليهم، ثم أخذهم أخذا أليما شديدا، فتركهم حصيدا خامدين، فذهبت أيام المهلة، وأقبلت أيام التبعة، فيا لها حسرة! على كل ذي غفلة، ولو لا ذلك كذلك لما


(١) أورده في موسوعة أطراف الحديث بلفظ: «من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله الناس» وعزاه إلى موارد الظمآن برقم (١٥٤١)، والأسماء والصفات للبيهقي ٥٠٣. وبلفظ: «من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس» وعزاه إلى إتحاف السادة المتقين ٦/ ١٣٩، ٣٧٢، وكنز العمال برقم (٤٣٧٠٥)، وحلية الأولياء ٨/ ١٨٨. وبلفظ: «من أرضى الله في سخط الناس #» وعزاه إلى الترغيب والترهيب ٣/ ٢٠٠، وإتحاف السادة المتقين ٨/ ٢٩١، ومجمع الزوائد ١٠/ ٢٢٤، والطبراني ١١/ ٢٦٨، وهو بألفاظ مقاربة في مصادر أخرى. انظر موسوعة أطراف الحديث النبوي ٨/ ٧١.