مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة [في الدعاء في الصلاة]

صفحة 74 - الجزء 1

مسألة [في الدعاء في الصلاة]

  قالت الزيدية: الدعاء في الصلاة غير جائز. ورأينا في كتبهم أن التسليم من الصلاة، وأن الإنسان إذا كان في جماعة وجب أن ينوي الملكين والجماعة الحاضرين، ويمكن أن يكون فيهم من لا يستحق الدعاء، فإن قالوا: نخرجه بالنية. فما دليلهم؟ وإن قالوا: لا نخرجه. فقد دعوا فيها لمن لا يستحق ذلك، فإما أن تفسد صلاتهم، وإما أن يفسد مذهبهم إلى آخره.

  اعلم: أن هذا إلزام من لا يعرف مذهب الزيدية كيف يطعن عليه من غير معرفة، لأن من الزيدية من يجيز الدعاء في الصلاة، ومنهم من لا يجيز، فعم الجميع بالحكاية، ثم ألزم الأمر بالتسليم، وليس التسليم من الدعاء لغة ولا عرفا، بل هو جنس قائم بنفسه، وإن كان وصفه في الأصل دعاء فقد أزاله العرف؛ لأن الرجل لو وقف على باب القوم، ثم قال: السلام عليكم ورحمة الله فعل الله لكم وصنع، لقيل سلم عليهم ودعا لهم، فلو كان الأول دعاء عرفا كان كأنه دعا لهم ودعا لهم.

  فأما قوله: فيهم عاص ومطيع، فقد ورد جواز السلام على الجميع، ولو شرط فيهم الإيمان ووجب الرد على اليهود، وجاءت السنة بالتعزية لهم والدعاء لهم بما يجوز، كما روينا أن بعض أصحاب رسول الله ÷ قال: يا رسول الله، نجالس اليهود بخيبر فيعطس أحدهم فنستحي منه، ولا ندري ما نقول. قال # وعلى آله قوله: «قولوا يهديكم الله ويصلح بالكم»⁣(⁣١)


(١) أخرجه الترمذي في سننه عن أبي موسى برقم (٢٧٣٩) قال: كان اليهود يتعاطسون عند النبي ÷ يرجون أن يقول لهم: يرحمكم الله، فيقول: يهديكم ويصلح بالكم، قال: وفي الباب عن علي، وأبي أيوب، وسالم بن عبيد، وعبد الله بن جعفر، وأبي هريرة، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وهو في الترمذي بدون ذكر اليهود، وفي مسند أحمد بن حنبل ١/ ٢٠٤، وفي ٤/ ٤٠٠ باللفظ السابق عن أبي موسى، وكذلك في ٤/ ٤١١، وعزاه في موسوعة أطراف الحديث النبوي، إلى الحاكم في المستدرك ٤/ ٢٦٨، والأدب المفرد للبخاري ٩٤٠، ١١٤، وفتح الباري ج ١٠/ ٦٠٤، ٦٠٨، ٦٠٩، ومشكاة المصابيح ٤٧٤٠، والتأريخ الصغير للبخاري ٢/ ٢٣٣، والطبراني ١٢/ ٤١١، وشرح السنة للبغوي ١٢/ ٣٠٨، إتحاف السادة المتقين ٥/ ٢١٥، ٦/ ٢٨٥.