حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الجسم والعرض

صفحة 107 - الجزء 1

  وقال ولده محمد بن القاسم @ في تفسير قول اللّه تعالى:

  {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً}⁣[النساء: ١٦٤]، معنى كلام اللّه لموسى # عند أهل العلم به أنه أنشأ كلاما أحدثه كما شاء، فسمعه موسى وفهمه، ولم يجعل اللّه بينه وبين موسى ملكا رسولا، وأسمعه النّداء فقال:

  {إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ}⁣[القصص: ٣٠]، والنداء غير المنادي، والمنادي هو اللّه جل ثناؤه، والنّداء غير اللّه تباركت أسماؤه. وما كان غير اللّه فهو محدث بعد أن لم يكن.

  وقال الهادي للحق # في كتاب الأصول: وإن القرآن أنزله اللّه على نبيئه ÷، وأنشأه وخلقه، ووصله وفصّله، وألّفه وأحدثه.

  وقال # في مسائل الرازي - وقد سأله: كيف يأخذ جبريل الوحي من اللّه، وكيف يعلمه، وكيف السبيل فيه⁣(⁣١) حتى يفهمه؟ - فقال الهادي للحق #: اعلم هداك اللّه أن القول فيه عندنا كما قد روي فيه عن رسول اللّه ÷ أنه سأل جبريل عن ذلك فقال: «آخذه من ملك فوقي، ويأخذه الملك من ملك فوقه، فقال ÷: كيف يأخذه ذلك الملك ويعلّمه؟ فقال جبريل صلى اللّه عليه: يلقى في قلبه إلقاء، ويلهمه إلهاما».

  قال الهادي إلى الحق #: وكذلك هو عندنا أنه يلهمه الملك الأعلى إلهاما. فيكون ذلك الإلهام من اللّه وحيا، كما ألهم تبارك وتعالى النّحل لما تحتاج إليه، وعرّفها سبيلها⁣(⁣٢).


(١) في (ش): إليه.

(٢) في (ش، م، س): وعرّفها سبلها.