فصل في الكلام في الجسم والعرض
  وقال ولده محمد بن القاسم @ في تفسير قول اللّه تعالى:
  {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً}[النساء: ١٦٤]، معنى كلام اللّه لموسى # عند أهل العلم به أنه أنشأ كلاما أحدثه كما شاء، فسمعه موسى وفهمه، ولم يجعل اللّه بينه وبين موسى ملكا رسولا، وأسمعه النّداء فقال:
  {إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ}[القصص: ٣٠]، والنداء غير المنادي، والمنادي هو اللّه جل ثناؤه، والنّداء غير اللّه تباركت أسماؤه. وما كان غير اللّه فهو محدث بعد أن لم يكن.
  وقال الهادي للحق # في كتاب الأصول: وإن القرآن أنزله اللّه على نبيئه ÷، وأنشأه وخلقه، ووصله وفصّله، وألّفه وأحدثه.
  وقال # في مسائل الرازي - وقد سأله: كيف يأخذ جبريل الوحي من اللّه، وكيف يعلمه، وكيف السبيل فيه(١) حتى يفهمه؟ - فقال الهادي للحق #: اعلم هداك اللّه أن القول فيه عندنا كما قد روي فيه عن رسول اللّه ÷ أنه سأل جبريل عن ذلك فقال: «آخذه من ملك فوقي، ويأخذه الملك من ملك فوقه، فقال ÷: كيف يأخذه ذلك الملك ويعلّمه؟ فقال جبريل صلى اللّه عليه: يلقى في قلبه إلقاء، ويلهمه إلهاما».
  قال الهادي إلى الحق #: وكذلك هو عندنا أنه يلهمه الملك الأعلى إلهاما. فيكون ذلك الإلهام من اللّه وحيا، كما ألهم تبارك وتعالى النّحل لما تحتاج إليه، وعرّفها سبيلها(٢).
(١) في (ش): إليه.
(٢) في (ش، م، س): وعرّفها سبلها.