فصل في الكلام في الجسم والعرض
  وسأله: كيف كان الكلام من اللّه لموسى ~؟
  فقال #: كان معنى ذلك أن اللّه تعالى خلق له كلاما في الشّجرة سمعه موسى بأذنه، كما كان يسمع ما يأتي به الملك إليه من وحي ربّه، فكان فهم موسى - صلى اللّه عليه - وسماعه لذلك الكلام الذي شاء اللّه إسماعه إيّاه لما أراد من كرامته واجتبائه، ففي ما هاهنا كفاية(١).
  ولم يقل أحد مثل مقالة هذه الفرقة؛ إلا أن قوما من المجبرة قالوا في القرآن قريبا من قول هذه الفرقة؛ في أن القرآن ليس بمسموع ولا هو كلام، ولا هو حروف، وقالوا: هو قديم، وهو معنى في النّفس.
  فاحتجّ عليهم السيد أبو طالب #(٢) في التّبصرة في كتاب الهادي فقال: وأيضا فإن كلامه تعالى لا يخلو من أن يكون من جنس الكلام
(١) في (ه، ي): ففي بعض ما هنا كفاية.
(٢) هو الإمام الناطق بالحق، أبو طالب يحيى بن الحسين بن هارون بن الحسين. من عظماء الإسلام، وأئمة الزيدية الكرام، كان إماما، عالما، مجتهدا، محدّثا، حافظا، مجاهدا. مولده بآمل طبرستان سنة ٣٤٠ من الهجرة النبوية، ونشأ على الطهر والعلم والصلاح، فتسابق مع أخيه الإمام المؤيد باللّه أحمد بن الحسين الهاروني على طلب العلم، وكان شيخهما الحافظ الحجّة أحمد بن إبراهيم المشهور بأبي العباس الحسني، حيث أخذا عليه علوم الزيدية، وأصبحا علمين مضيئين في شتى العلوم.
قام بأمر الإمامة بعد وفاة أخيه الإمام المؤيد باللّه سنة ٤١١ هـ وبويع له في بلاد الديلم، فأقام عمود الدين، وجاهد في سبيل اللّه، وحكم فعدل، حتى توفي - رضوان اللّه عليه - سنة ٤٢٤ هـ عن نيف وثمانين سنة، وله عدّة مؤلفات، منها: الأمالي؛ وهي المعروفة بأمالي أبي طالب، وقد رتبها القاضي جعفر بن عبد السلام ¥، وسمّاها (تيسير المطالب في أمالي أبي طالب) وقد طبعت، وله كتاب التحرير في الكشف عن نصوص الأئمة النحارير (طبع)، والإفادة في تأريخ الأئمة السادة (طبع) وغير ذلك من المؤلفات النفيسة رضوان اللّه عليه. انتهى.