حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الألوان والطعوم والروائح

صفحة 110 - الجزء 1

  حاسّة الأذن صوتا علم السّامع أنه له مصوّتا منه كان، ومن بعد خروجه من حلقه بان لسامعه. وهذا عكس ما قالوا: من أن المتكلم⁣(⁣١) يسمع ويعلم الكلام، وقد قال اللّه تعالى: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ}⁣[النور: ٣١]، فبيّن أن الجسم معلوم، وأن الصوت مسموع، وقد قال تعالى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ}⁣[آل عمران: ٥٢]، بمعنى سمع منهم الكفر، فصحّ أن الكلام محسوس، وفي هذا بيان لمن كان له قلب، ولا يمتنع أن نقول: سمعنا زيدا يتكلم، بمعنى أنا سمعنا الكلام منه، وأنه مسمع، وهذا معنى قول اللّه تعالى: {إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ}⁣[آل عمران: ١٩٣].

فصل في الكلام في الألوان والطعوم والروائح

  اعلم أن هذه أعراض؛ وهي صفات ضروريّة للأجسام، والدليل على أنّها أعراض أنها لا تقوم بنفسها⁣(⁣٢)، وأنها تبطل بأضدادها؛ وكذلك الضياء والظلمة، واللين والخشونة، والحرارة والبرودة. ومعرفة هذه الجملة فروع⁣(⁣٣)، ومن تأول في الفروع فأخطأ لم يحكم عليه باسم الكفر، ولا يحكم عليه باسم الفسق، ولا يحكم عليه بأنّه معاقب بذلك.


(١) في (ش): بأن المتكلم.

(٢) في (ش، ع، ب): بأنفسها.

(٣) يعني: أن هذه الجملة هي من المسائل الفرعيّة؛ فكذا حكم معرفتها كحكمها. تمت.