فصل في الكلام في الألوان والطعوم والروائح
  حاسّة الأذن صوتا علم السّامع أنه له مصوّتا منه كان، ومن بعد خروجه من حلقه بان لسامعه. وهذا عكس ما قالوا: من أن المتكلم(١) يسمع ويعلم الكلام، وقد قال اللّه تعالى: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ}[النور: ٣١]، فبيّن أن الجسم معلوم، وأن الصوت مسموع، وقد قال تعالى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ}[آل عمران: ٥٢]، بمعنى سمع منهم الكفر، فصحّ أن الكلام محسوس، وفي هذا بيان لمن كان له قلب، ولا يمتنع أن نقول: سمعنا زيدا يتكلم، بمعنى أنا سمعنا الكلام منه، وأنه مسمع، وهذا معنى قول اللّه تعالى: {إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ}[آل عمران: ١٩٣].
فصل في الكلام في الألوان والطعوم والروائح
  اعلم أن هذه أعراض؛ وهي صفات ضروريّة للأجسام، والدليل على أنّها أعراض أنها لا تقوم بنفسها(٢)، وأنها تبطل بأضدادها؛ وكذلك الضياء والظلمة، واللين والخشونة، والحرارة والبرودة. ومعرفة هذه الجملة فروع(٣)، ومن تأول في الفروع فأخطأ لم يحكم عليه باسم الكفر، ولا يحكم عليه باسم الفسق، ولا يحكم عليه بأنّه معاقب بذلك.
(١) في (ش): بأن المتكلم.
(٢) في (ش، ع، ب): بأنفسها.
(٣) يعني: أن هذه الجملة هي من المسائل الفرعيّة؛ فكذا حكم معرفتها كحكمها. تمت.