حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الألوان والطعوم والروائح

صفحة 140 - الجزء 1

  عليك⁣(⁣١)، وكنت كمن طلب علم الألوان بالسمع وعلم الذّوق بالعين).

  فأما أحوال الأجسام فإنما طريق المعرفة بها من جهة البصر، والبصر يؤدي إلى الإنسان؛ لأن الأجسام لا تخلو من هذه الصفات، فصح بيان ما قلنا في الأعراض. والقرآن عرض وشبحه قلوب الحافظين له والمصاحف والقارئ له، كما روي عن النبيء ÷ أنه قال: «القرآن يوجد في ثلاثة مواضع: في القلوب محفوظا، وعلى الألسن متلوّا، وفي المصحف مكتوبا»⁣(⁣٢). وفعل الإنسان فيه هو: الكتابة والتّلاوة والحفظ؛ وفعل العبد لهذه⁣(⁣٣) اختياريّ إن شاء فعله وإن شاء لم يفعله، وفعل اللّه الذي هو ذات القرآن ضروريّ لا يجوز عليه البطلان وإنما تبطل أفعال الناس فيه، وهذا مراد المؤيد باللّه قدس اللّه روحه بقوله في الإفادة: (والقرآن عرض لا يجوز عليه البقاء)، يريد أنه لا يجوز (عليه)⁣(⁣٤) البقاء على الحكاية، فأما المحكيّ فلو كان يبطل لبطلت حجّة اللّه. وقد قال الهادي إلى الحق # في المسترشد: (ولو بطل من القرآن يسير لبطل منه كثير، ولو بطل بعضه لأشبه الباطل كله. بل هو يؤكد بعضه بعضا، فلن يبطل منه حرف أبدا، وكيف يبطل أو يتناقض ما أحكمه ذو الجلال والإكرام والسلطان، وحفظه من كل سوء الرحمن، ألا تسمع كيف يقول: {وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ ٤١ لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ


(١) في (ش): تعسّر عليك.

(٢) في (ب، ش): وفي الصحف مكتوبا.

(٣) في (ش): وفعل العبد في هذا.

(٤) ساقط في (ب، ش، س).