فصل في الكلام في الروح
  لضعف عن القيام بنفسه، ومن الحمل لغيره، وقد قال القاسم #(١) في جواب مسائل سئل عنها: وسألته عن الرّوح الذي يكون في الحيوان، فقال: هو المتحرّك الذي به يحيى الحيوان، ويذهب، ويقبل ويدبر، ويعرف وينكر، وهو شيء لا يعرف بالعين، وإنما يعرف بالدليل واليقين.
  وقال الهادي إلى الحق # في جواب مسائل الرّازي: وسألت عن الرّوح، وهو شيء خلقه اللّه وصوّره وافتطره بحكمته، وجعله تحيا به الأبدان والأعضاء تعيش به مما جعل اللّه في الأبدان من الأشياء، به تبصر الأعيان المبصرة، وبه تسمع الآذان السامعة، وبه تنطق الألسن الناطقة، وتشمّ الأنف، وتبطش اليدان، ويميّز القلب، وتمشي الرّجلان، وجعله قواما(٢) لما حملت الأبدان، ودليلا على قدرة الرحمن ... إلى قوله: ولم يوصف الرّوح بغير ما وصفنا، ولم يستدل عليه بغير ما دللنا؛ وقد قال اللّه تعالى: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}[الإسراء: ٨٥].
  وقال المؤيد باللّه - قدس اللّه روحه - في تعليق شرح الإفادة: الرّوح والهواء جسمان لطيفان، والعقل عرض، قال: واختلف العلماء في الرّوح. فقيل: يبقى بعد مفارقة الجسد حتى يفنى عند أزف القيامة؛ كما قال اللّه تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ}[الرحمن: ٢٦]. وقيل: لا يكون حيّا بعد مفارقة الجسد.
(١) في (ب): وقد قال فيه القاسم #.
(٢) في (ش): جعله اللّه قواما.