حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في معرفة الصانع

صفحة 150 - الجزء 1

  والخيل، والبغال، والحمير، لدخل على مالكها الضّرر ولادّعى الشيء غير مالكه. ولما لم يدخل على أحد ضرر في اشتباه الطير والسّباع والسّمك أمكن فيهما التشابه، فهل يدبر هذا ويقدّره (ويحكمه)⁣(⁣١) إلا عالم حكيم؟

  وكذلك القول في السّميع البصير أنه بمعنى العليم الحكيم.

فصل في الكلام في معرفة الصانع

  اعلم أنه لما كانت العقول والحواسّ والأوهام والظّنون لا تكون إلا حالة أو محلولة، ولا تكون إلا محدثة مجعولة، لم ندرك⁣(⁣٢) إلا أمثالها في الحدث وأشباهها في المحلّ والمحلول، فصحّ أن اللّه تعالى لا يدرك بوجه من الوجوه، لا بعقل ولا بحسّ ولا بوهم ولا بظنّ، وإنما تدرك معرفته بالاستدلال والنظر، وقد دل على هذا في كتابه فقال عزّ من قائل: {أَ وَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ}⁣[الأعراف: ١٨٥]، وقال عز من قائل: {إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ ٣ وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ٤ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ٥ تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ}⁣[الجاثية: ٣ - ٦]،


(١) ساقط في (ب).

(٢) في (ض): لم تدرك. وفي (ص): لم يدرك.