حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في معرفة الصانع

صفحة 152 - الجزء 1

  إذ كان⁣(⁣١) الكوكب والشمس والقمر لم يصنعهن ولا عملهن بشر، فلم تكن معبودة لزوالها، والأصنام التي هي دونها أولى أن لا تكون معبودة.

  والخامس: أنه قال ذلك توبيخا للمشركين، على وجه الإنكار الذي معه [يكون]⁣(⁣٢) ألف استفهام، وتقديره: أهذا ربّي؟ ومثله موجود في لغة العرب، قال الشاعر:

  رقوني وقالوا يا خويلد لم ترع ... فقلت وأنكرت الوجوه: هم هم

  أراد: أهم هم.

  ولا يجوز عندنا أن يقول ذلك اعتقادا، ولو قال ذلك اعتقادا لكان ذلك شركا، وهو بريء من الشّرك، ومن أهله.

  فأما الأقوال الأربعة⁣(⁣٣) فيجوز أن تحمل الآية على أحدها، إذ ليس في أيّها ما يوجب الشّرك عليه. وأقربها إليّ أنه قال ذلك في وقت صغره وقبل بلوغه على وجه الاستدلال وتغليب الظّن؛ ولأن في الآية ما يدلّ على ذلك؛ وهو قوله: {فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ}، فصحّ أنه دعا إلى ربه أن يهديه إلى معرفته، وقطع على نفسه أن اللّه إن لم يهده ليكوننّ


(١) في (ث): إذا كان.

(٢) زيادة في (ب). وفي (ش): الذي يكون معه.

(٣) في (ش): فأما الوجوه الأربعة.