حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في معرفة الصانع

صفحة 153 - الجزء 1

  من القوم الضّالّين، وهو في وقت دعائه ونظره واستدلاله قد علم أن لهذا الصّنع صانعا، وأنه لا يجوز عليه صفة نقص. فنظر في الشمس والقمر والكواكب فكانت أشرف المصنوعات، فلما رآها لا تخلو من صفات النّقص رفضها، وعلم أن اللّه لا يدرك بالأبصار، ولا يشبه شيئا، ولا يشبهه شيء، ويؤيد ذلك ما حكى اللّه عنه من قوله:

  {أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَ وَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}⁣[البقرة: ٢٦٠]، فصحّ أنه كان في وقت النظر والاستدلال.

  ونقول: إن من ولد على فطرة الإسلام أنه يجب عليه أن ينظر ويميّز ويستدل على معرفة ربه بما أوجد من صنعه، حتّى ترسخ معرفة ربه في قلبه، ويعرف ذلك معرفة حقيقيّة، ولا يجزئه الإقرار باللسان؛ لأن معرفة اللّه تعالى عقليّة، والمسموع غير المعقول، فصحّ ما ذكرنا من وجوب النظر في صنع اللّه والاستدلال به عليه⁣(⁣١)، وقد روي عن رسول اللّه ÷ أنه قال: «من أخذ دينه عن التفكر في آلاء اللّه تبارك وتعالى، وعن التّدبّر لكتابه، والتفهم لسنّتي، زالت الرّواسي ولم يزل، ومن أخذه من أفواه الرّجال⁣(⁣٢)، وقلّدهم فيه، ذهبت به الرجال من يمين إلى شمال وكان من دين اللّه على أعظم زوال».


(١) في (ب، ش): والاستدلال به على اللّه تعالى.

(٢) في (ث): عن أفواه الرجال.