حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في صفات الله والفرق بين الأسماء والصفات

صفحة 156 - الجزء 1

  ومعنى قوله تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ}⁣[البقرة: ٢٥٥]، يريد من معلومه، ولو كان علمه هو هو لكان منقسما، فبعضه يحاط به وبعضه لا يحاط به؛ لأنه استثنى شيئا منه فقال: {إِلَّا بِما شاءَ}، فصحّ أن علم اللّه ليس هو اللّه.

  اختلف الناس من أهل التوحيد في صفات العظمة على قولين:

  فقال قوم: الصّفات هي للّه، وقال قوم: هي اللّه. وعندنا وعند المعتزلة: هي للّه⁣(⁣١).

  وعند فرقة المجبرة وهم الذين قالوا⁣(⁣٢): القرآن معنى في النفس، وعند (أصحاب)⁣(⁣٣) مطرّف بن شهاب: أنّها هي اللّه، فإنهم قالوا:

  اسم اللّه هو هو.

  والرد عليهم⁣(⁣٤) بأن نقول: أخبرونا هل اللّه مستحقّ لهذه الأسماء أو غير مستحقّ لها؟ فإن قالوا: ليس بمستحقّ لها خرجوا من العقل والإجماع والكتاب والسّنة. وإن قالوا: هو المستحقّ لها صحّ أن المستحقّ غير المستحقّ، وثبت أنها له، فإذا استدلوا⁣(⁣٥) على قولهم بقول اللّه تعالى: {تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ}⁣[الرحمن: ٧٨]، وبقوله: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}⁣[الواقعة: ٧٤]، وبقوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}⁣[الأعلى: ١]، وبقوله: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}⁣[النور: ٣٦]. قلنا: إن معنى {تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} هو تبارك ربك،


(١) في (ب، ت، ي): أنها للّه تعالى.

(٢) في (ن): وهم الذين يقولون

(٣) ساقط في (ج).

(٤) في (ب، ش): فيرد عليهم. وفي (ض): فنرد عليهم.

(٥) في (ش، ي): فإن استدلوا.