فصل في الكلام في صفات الله والفرق بين الأسماء والصفات
  ومعنى قوله تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ}[البقرة: ٢٥٥]، يريد من معلومه، ولو كان علمه هو هو لكان منقسما، فبعضه يحاط به وبعضه لا يحاط به؛ لأنه استثنى شيئا منه فقال: {إِلَّا بِما شاءَ}، فصحّ أن علم اللّه ليس هو اللّه.
  اختلف الناس من أهل التوحيد في صفات العظمة على قولين:
  فقال قوم: الصّفات هي للّه، وقال قوم: هي اللّه. وعندنا وعند المعتزلة: هي للّه(١).
  وعند فرقة المجبرة وهم الذين قالوا(٢): القرآن معنى في النفس، وعند (أصحاب)(٣) مطرّف بن شهاب: أنّها هي اللّه، فإنهم قالوا:
  اسم اللّه هو هو.
  والرد عليهم(٤) بأن نقول: أخبرونا هل اللّه مستحقّ لهذه الأسماء أو غير مستحقّ لها؟ فإن قالوا: ليس بمستحقّ لها خرجوا من العقل والإجماع والكتاب والسّنة. وإن قالوا: هو المستحقّ لها صحّ أن المستحقّ غير المستحقّ، وثبت أنها له، فإذا استدلوا(٥) على قولهم بقول اللّه تعالى: {تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ}[الرحمن: ٧٨]، وبقوله: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}[الواقعة: ٧٤]، وبقوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}[الأعلى: ١]، وبقوله: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}[النور: ٣٦]. قلنا: إن معنى {تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} هو تبارك ربك،
(١) في (ب، ت، ي): أنها للّه تعالى.
(٢) في (ن): وهم الذين يقولون
(٣) ساقط في (ج).
(٤) في (ب، ش): فيرد عليهم. وفي (ض): فنرد عليهم.
(٥) في (ش، ي): فإن استدلوا.