فصل في الكلام في أصل التوحيد وحقيقته
  وإذا لم يكن غنيّا كان عاجزا، وإذا كان عاجزا كان مصنوعا. وإذا كان له ضدّ كان له مانعا عما يريد(١)، وإذا كان له مانع كان ضعيفا، وإذا كان ضعيفا كان مصنوعا، وإذا كان له ندّ كان له شبيها(٢)، وإذا كان له شبيه لم يكن صانعا للعالم وكان مصنوعا. وكذلك لو كان معه غيره في القدم لكان له شبيها(٣)، ولو كان في مكان لوجب أن يكون محويا، ولو كان محويا لكان مصنوعا(٤) ولكان بعض المواضع منه خاليا، وإذا كان في مكان دون مكان كان عن المكان الذي ليس هو فيه غائبا، وإذا كان عنه غائبا كان له ولما يحدث فيه جاهلا، وإذا كان عن شيء جاهلا كان عاجزا.
  ومعنى قول اللّه تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ}[الزخرف: ٨٤]، أنه إله من في السماء، وإله من في الأرض؛ كما يقال: فلان أمير في بلد كذا، وبلد كذا، وإن لم يكن فيهما ساكنا.
  وقوله تعالى: {أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ}[الملك: ١٦]، أراد أأمنتم إله من في السماء؛ ولأنه تعالى كان ومكان، ولو كان المكان الذي يكون فيه قديما لوجب أن يكون له في القدم شبيها(٥)، ولو كان المكان الذي يكون فيه محدثا لكان منتقلا، وإذا كان منتقلا كان محدثا؛ لأن الانتقال دليل الحدث.
(١) في (ص، ح): مانع عما يريد.
(٢) في (ع): فكان له شبيه.
(٣) في (ع): فكان له شبيه.
(٤) في (ع): لوجب أنه محويّ محدث، ولو كان محويا محدثا لكان مصنوعا. وفي (ش): لوجب أن يكون محدثا ولو كان محدثا لكان مصنوعا.
(٥) في (ض): شبيه.