حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في أصل التوحيد وحقيقته

صفحة 172 - الجزء 1

  فأما ذكر الوجه - في القرآن - واليد والعين والجنب، فإن الوجه هو الذات، والعين هو العلم⁣(⁣١)، واليدين البسط والقبض⁣(⁣٢)، والجنب السبيل. وهذا موجود في لغة العرب لأن القرآن نزل بلغة العرب، قال الشاعر:

  وقد يهلك الإنسان من وجه أمنه ... وينجو بإذن اللّه⁣(⁣٣) من حيث يحذر

  وتقول العرب: لفلان عليّ يد⁣(⁣٤) أي نعمة. والعين عند العرب قد تكون الحدقة، وقد تكون عين الماء، وقد تكون عين الرّكبة، وكذلك العلم. فقوله تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنا}⁣[القمر: ١٤]، أي بعلمنا، وقوله تعالى:

  {يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ}⁣[الزمر: ٥٦] أي في سبيل اللّه، وقوله:

  {بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ}⁣[المائدة: ٦٤] يريد نعمته وبليّته، وقوله:

  {وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ}⁣[الرحمن: ٢٧] أراد ويبقى ربك⁣(⁣٥) ذو الجلال والإكرام.

  والدليل على أن وجهه ذاته وأنه لا جارحة له قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}⁣[القصص: ٨٨] فأوجب الهلاك على الجوارح واستثنى الوجه وهي لا تكون إلا شيئا، فكيف تهلك الجوارح ويبقى الوجه؟

  فصح أنه لا جارحة له، وأنّ وجهه ذاته. وقد روي عن رسول اللّه ÷


(١) في (ض): هي العلم.

(٢) في (أ): واليدان: البسط والقبض.

(٣) في (أ، ي): وينجو بأمر اللّه.

(٤) في (ع): لفلان على فلان يد.

(٥) في (ث): أراد ويبقى ذات ربك.