فصل في الكلام في أصل التوحيد وحقيقته
  فأما ذكر الوجه - في القرآن - واليد والعين والجنب، فإن الوجه هو الذات، والعين هو العلم(١)، واليدين البسط والقبض(٢)، والجنب السبيل. وهذا موجود في لغة العرب لأن القرآن نزل بلغة العرب، قال الشاعر:
  وقد يهلك الإنسان من وجه أمنه ... وينجو بإذن اللّه(٣) من حيث يحذر
  وتقول العرب: لفلان عليّ يد(٤) أي نعمة. والعين عند العرب قد تكون الحدقة، وقد تكون عين الماء، وقد تكون عين الرّكبة، وكذلك العلم. فقوله تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنا}[القمر: ١٤]، أي بعلمنا، وقوله تعالى:
  {يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ}[الزمر: ٥٦] أي في سبيل اللّه، وقوله:
  {بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ}[المائدة: ٦٤] يريد نعمته وبليّته، وقوله:
  {وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ}[الرحمن: ٢٧] أراد ويبقى ربك(٥) ذو الجلال والإكرام.
  والدليل على أن وجهه ذاته وأنه لا جارحة له قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}[القصص: ٨٨] فأوجب الهلاك على الجوارح واستثنى الوجه وهي لا تكون إلا شيئا، فكيف تهلك الجوارح ويبقى الوجه؟
  فصح أنه لا جارحة له، وأنّ وجهه ذاته. وقد روي عن رسول اللّه ÷
(١) في (ض): هي العلم.
(٢) في (أ): واليدان: البسط والقبض.
(٣) في (أ، ي): وينجو بأمر اللّه.
(٤) في (ع): لفلان على فلان يد.
(٥) في (ث): أراد ويبقى ذات ربك.