فصل في الكلام في أصل التوحيد وحقيقته
  أنه قال: «خمس لا يعذر بجهلهنّ أحد: معرفة اللّه سبحانه، لا يشبّهه بشيء، ومن شبّه اللّه بشيء، أو زعم أن اللّه يشبهه شيء(١)، فهو من المشركين ...» الخبر. فصحّ أن اللّه تعالى منزه عن صفات النقص غير مشبّه بشيء(٢)، ولا شيء مشبه له، تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا.
  وقول اللّه تعالى: {فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}[الكهف: ١١٠]، تأويله أن اللقاء في كتاب اللّه هو يوم الحساب والموقف، والعرب تسمّي الاجتماع والحشد لقاء، ولما كان اللّه هو الذي جمعهم سمّي لقاء اللّه(٣)، ألا ترى أن الأمير لو أمر بلقائه ولم ير فيه، أن القائل يقول: كنا في لقاء الأمير. واللقاء الجزاء والثّواب؛ يدل عليه قول اللّه تعالى: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ}[التوبة: ٧٧]، ولأن المشبهة مجمعة على أن أهل النار لا يرونه.
  وروي عن الناصر(٤) # أنه روى بإسناده أن رجلا
(١) في (ض): أو زعم أن اللّه يشبه شيئا.
(٢) في (ن): غير مشبه لشيء.
(٣) في (ع): سمّي بلقاء اللّه.
(٤) في (ب، ش): وروى الناصر، هو الإمام الناصر للحق الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي زين العابدين بن السبط الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب $، الملقب بالأطروش. والناصر الكبير، والناصر للحق، أحد أئمة الزيدية الأعلام، وأحد عظماء الإسلام، كان عالما مجتهدا، زاهدا، ورعا تقيّا، شجاعا سخيّا، أديبا بارعا، عظيم القدر.
مولده # سنة ٢٣٠ هـ ونشأ في طلب العلم، وقرأ من الكتب السماويّة بضعة عشر كتابا، وقام في أرض الديلم سنة ٢٨٤ هـ يدعو إلى اللّه تعالى عشرين سنة، ودخل طبرستان سنة ٣٠١ هـ وأسلم على يديه ألف ألف ما بين رجل وامرأة. وتوفي بآمل في ٢٥ شهر شعبان سنة ٣٠٤ من الهجرة النبوية. قال الطبريّ: لم ير الناس مثل عدل الأطروش وحسن سيرته، وإقامته للحق.
له مؤلفات كثيرة. انتهى.