فصل في الكلام فيما اتفق عليه أهل القبلة وما اختلفوا فيه من التوحيد
  وقالت الصفاتية من الكلابيّة والأشعرية: إن اللّه تعالى عالم بمعنى سمّوه علما، وقادر بمعنى سمّوه قدرة، وحيّ بمعنى سمّوه حياة.
  وروي عن بعض الأشعرية مثل قولنا. وقد قدّمنا الاحتجاج عليهم فيما تقدم.
  ولم يختلفوا(١) في أن القرآن قديم، واختلفوا في هذا المتلوّ، فقال قوم: إن القرآن المتلوّ ليس هو كلام اللّه تعالى على الحقيقة بل هو عبارة عنه، وكذلك قالوا في التّوراة والإنجيل والزبور، وقالت الحشوية منهم: إن المتلوّ هو القديم.
  فنقول: إذا كان اللّه قديما (والصوت قديما)(٢) فقد اشتبها في القدم، وصارا قديمين اثنين، وكذلك إذا كان له شيء يقدر به(٣) وكان قديما كان مشابها له، وأشبه ذلك قول النصارى في الأقانيم الثلاثة [أنها] جوهر واحد. وقد قال اللّه تعالى: {وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ}[الشعراء: ٥]، وقال: {ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ}[الأنبياء: ٢]، وقال تعالى: {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا ...} الآية [الأحقاف: ١٢].
  وأيضا فقد أجمعت الأمة على أن في الكتاب محكما ومتشابها، وناسخا ومنسوخا، قال اللّه تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ ...} الآية [آل عمران: ٧]،
(١) أي الصفاتية. تمت.
(٢) كذا في الأصل، والجملة ساقطة في أكثر النسخ.
(٣) في (ش): بقدرته.