حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام فيما اتفق عليه أهل القبلة وما اختلفوا فيه من التوحيد

صفحة 175 - الجزء 1

  وقالت الصفاتية من الكلابيّة والأشعرية: إن اللّه تعالى عالم بمعنى سمّوه علما، وقادر بمعنى سمّوه قدرة، وحيّ بمعنى سمّوه حياة.

  وروي عن بعض الأشعرية مثل قولنا. وقد قدّمنا الاحتجاج عليهم فيما تقدم.

  ولم يختلفوا⁣(⁣١) في أن القرآن قديم، واختلفوا في هذا المتلوّ، فقال قوم: إن القرآن المتلوّ ليس هو كلام اللّه تعالى على الحقيقة بل هو عبارة عنه، وكذلك قالوا في التّوراة والإنجيل والزبور، وقالت الحشوية منهم: إن المتلوّ هو القديم.

  فنقول: إذا كان اللّه قديما (والصوت قديما)⁣(⁣٢) فقد اشتبها في القدم، وصارا قديمين اثنين، وكذلك إذا كان له شيء يقدر به⁣(⁣٣) وكان قديما كان مشابها له، وأشبه ذلك قول النصارى في الأقانيم الثلاثة [أنها] جوهر واحد. وقد قال اللّه تعالى: {وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ}⁣[الشعراء: ٥]، وقال: {ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ}⁣[الأنبياء: ٢]، وقال تعالى: {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا ...} الآية [الأحقاف: ١٢].

  وأيضا فقد أجمعت الأمة على أن في الكتاب محكما ومتشابها، وناسخا ومنسوخا، قال اللّه تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ ...} الآية [آل عمران: ٧]،


(١) أي الصفاتية. تمت.

(٢) كذا في الأصل، والجملة ساقطة في أكثر النسخ.

(٣) في (ش): بقدرته.